مارس 10, 2020

بورشه 904 GTS خصيصا للسباقات.. ورائعة للطرق

أول سيارات بورشه التي صممت خصيصا للسباقات، مع إمكانية قيادتها على الطرق العامة كانت طراز STG 409 والذي يعد ربما واحدا من أروع تصاميم بورشه على الإطلاق.

بورشه 904

أحيانا، خيبة الأمل تتحول إلى نجاح بصورة أو بأخرى. وهذا تماما ما حصل مع بورشه حين قررت أن تدخل عالم الفورميولا واحد عام 1961.

بورشه كانت قد طورت طراز 718 للمشاركة في سباقات السيارات، وتحديدا سباقات الفورميولا 2. نجاح السيارة دفع بورشه للتفكير بالمشاركة في سباقات الفورميولا واحد، وهكذا تم تطوير طراز بورشه 787 للمشاركة في سباقات الفورميولا واحد لعام 1961، ولكن السيارة لم تعرف النجاح الكبير، مما دفع بورشه للتفكير في استبدالها.

البديلة كانت بورشه 804، والتي وعلى الرغم من كونها سيارة بورشه الأولى المخصصة للفورميولا واحد، إلا أنها عرفت نجاحا نسبيا. إذ شاركت في ثمانية سباقات وحققت الفوز في سباق جائزة فرنسا الكبرى عام 1962 مع السائق دان غورني.

لكن بورشه قررت الانسحاب من سباقات الفورميولا واحد بعدها، بسبب الكلفة العالية للمشاركة وتطوير السيارات، وقررت العودة إلى جذورها ومكانها المفضل، سباقات سيارات الجي تي والسيارات الرياضية، وسلاحها كان سيارة جديدة ستحمل الاسم الرمزي 904. ولكن رسميا، السيارة حملت اسم كاريرا GTS، بسبب نفس الخلاف مع شركة بيجو حول حقوق التسمية، واستخدام الرقم صفر بين رقمين، وهو ذاته السبب الذي دفع بورشه لتغيير اسم طرازها الآخر، 901 إلى 911!

مصمم السيارة لم يكن سوى فرديناند ألكساندر بورشه، أو “بوتزي” كما كان يعرف. الرجل الذي قدم لنا أسطورة بورشه الشهيرة، طراز 911.

بوتزي اعتمد على الخبرة المكتسبة في تطوير طراز 718، ولكن السيارة صممت منذ اليوم الأول لتتماشى مع قوانين الاتحاد الدولي للسيارات (FIA) التي تحكم المشاركة في سباقات سيارات الجي تي، وتحديدا المجموعة الثالثة منها، والتي كانت تتطلب إنتاج ما لا يقل عن 100 سيارة للإنتاج التجاري.

وهكذا بدأ بوتزي تصميم السيارة بما يشبه الورقة البيضاء، مع علمه بتوفر الخبرة والقدرات الفنية على دمج التصميم الرياضي مع المحرك الوسطي، في سيارة خفيفة الوزن، هي أولا وأخيرا سيارة رياضية، ولكنها أيضا صالحة للاستخدام على الطريق، وقانونية في هذا المجال. وبذلك أطلق فعليا فئة سيارات الـ Homologation Specials، أو سيارات السباقات “القابلة” للسير على الطرق العامة، والتي وصلت ذروتها ربما مع تقديم بورشه لطراز 917 الرهيب الذي سيطر على عالم سباقات التحمل، وسجل انتصارات عديدة.

بوتزي صمم قاعدة فريدة للسيارة، هدفت لتخفيف الوزن وتحسين توزيعه. فجاءت القاعدة بشكل إطار صندوقي، أو Box frame، مع تثبيت الجسم الخارجي المصنوع من الفيبرجلاس خفيف الوزن عليه ليشكلا معا ما يشبه القاعدة الأحادية المستخدمة اليوم، والتي تعرف بالـMonocoque

بورشه كانت تنوي استخدام محركها الجديد في ذلك الوقت، محرك 901 ذي الاسطوانات الستة المنبطحة، والذي سيصبح لاحقا واحدا من أشهر المحركات في العالم في مؤخرة بورشه 911، في سيارتها الجديدة. ولكن ولأن المحرك الجديد لم يكن قد أثبت موثوقيته بعد، وبورشه كانت تخطط للاشتراك مع السيارة في سباق 24 ساعة في لومان، وكونها سيارة كانت قد صممت وفي الذهن أن تكون سيارة مخصصة للزبائن الراغبين في الاشتراك على متنها في السباقات، كان الخيار بالتحول إلى المحرك الذي أثبت موثوقيته، محرك بورشه ذي الاسطوانات الأربعة المنبطحة المعروف باسم “تايب 547 كاريرا” والذي تم تطويره ليحمل الاسم “تايب 587/3”، ولكن بسعة بلغت 2.0 ليتر، مع رأس بأربعة صمامات لكل أسطوانة وقوة ناهزت 180 حصانا، أو حوالي 90 حصانا لكل ليتر، وهو أمر لم يكن أحد قد سمع به في ذلك الوقت، بل وصل الأمر إلى حدود 198 حصانا لسيارات السباقات، حتى وصف المحرك بأنه الأكثر تقدما من حيث التكنولوجيا المستخدمة في صنعه في ذلك الوقت.

المحرك جلس في وسط السيارة، وهي وضعية لم تكن معهودة في سيارات بورشه، ولم تتكرر كثيرا. فباستثناء طراز 914، تطلب الأمر إطلاق طرازات بوكستر وكايمان لتعود بورشه إلى هذه الوضعية.

ما ميز بورشه GTS 904 فعليا عن السيارات الأخرى التي كانت ستنافسها في السباقات هو أنها صممت منذ البداية كسيارة سباقات، ومن ثم تم تعديلها لتناسب قوانين السير على الشوارع العامة، وبالتالي كانت الأولوية للتصميم الهندسي وليس لراحة السائق. فجاءت السيارة كما ذكرنا مزودة بجسم من الفايبرجلاس الخفيف، مما أعطاها وزنا خفيفا جدا. وحين نقول بأن السيارة خفيفة، فنحن نعني ذلك. إذ بلغ وزن النسخ المخصصة للسباقات منها 655 كيلوغراما فقط.

كذلك ظهر هذا الأمر جليا في أبعاد السيارة. فقاعدة العجلات بلغت 2300 مليمترا فقط، بينما كان ارتفاع السيارة لا يتجاوز 1100 مليمتر، وفي نفس الوقت بلغت انسيابية السيارة 0.36 كنسبة جر، مما أعطاها انسيابية مميزة.

محرك السيارة اتصل بعلبة تروس يدوية من خمس نسب ثبتت في الخلف. هذه العلبة كانت قصيرة النسب (توفرت في الحقيقة بأكثر من نسبة نهائية للدفع)، ومع محرك قوي ووزن خفيف، كان أداء السيارة مميزا. إذ تطلب الوصول إلى سرعة 100 كيلومتر في الساعة أقل من ست ثوان، بينما بلغت السرعة القصوى للسيارة حوالي 260 كلم/س.

على الحلبة، حققت بورشه 904 GTS انتصارات عديدة، من ضمنها الفوز في سباق تارغا فلوريو الشهير، والفوز في فئتها في 24 ساعة في لومان، مما جعلها اليوم واحدة من سيارات السباقات الكلاسيكية ذات القيمة العالية.

أهم المقالات