سبق وأن قدمنا لكم حلقتين عن سيارة رولز رويس جوست الجديدة التي تعتبر واحدة من أفخم سيارات العالم على الإطلاق، والتي تتفوّق على المنتج الأكثر نجاحاً في تاريخ العلامة وتعكس فلسفة “الفخامة المطلقة”، إلا أن متطلبات العملاء وأذواقهم المتغيّرة، دفع رولز رويس إلى تطوير مجموعة ألوان جديدة وأساليب معالجة عالية التقنية لسطح السيارة وتجارب قيادة أكثر قوّة من دون المساومة على مفهوم الفخامة السهلة، فكان طراز بلاك بادج جوست، حيث انضم مفهوم “الفخامة المطلقة” الجديد لسلالة بلاك بادج. فأصبحت هذه السيارة الجديدة أنقى تعبير عن طرازات بلاك بادج وأكثرها تقدّماً من الناحية التكنولوجية والجمالية، وهو ما يبرزه لكم الزميل ريتشي في الفيديو المرفق بالمقال أعلاه خلال تجربته الحصرية لهذه السيارة.
الجانب المظلم من مفهوم “الفخامة المطلقة“
تم ابتكار سيارة جوست الجديدة لمجموعة من العملاء الذين طلبوا تصميم سيارة رولز-رويس رشيقة وبسيطة تحافظ على مستوى عالٍ من التواصل وتخلو من أي تفاصيل غير ضرورية.
فأتت جوست الجديدة لتكون أكثر سيارات رولز رويس تقدّماً من الناحية التكنولوجية وأكثرها تميّزاً من الناحية الجمالية. أصبحت السيارة منذ إطلاقها قبل سنة مضت من أسرع المنتجات مبيعاً في تاريخ العلامة، إذ شكّلت أكثر من 3,500 تكليف حول العالم.
كما ساهمت هذه السيارة في بدء محادثات جديدة حول التصميم من خلال سعيها الدائم إلى توخّي البساطة والنقاء. وقد أطلق مصمّمو رولز-رويس تسمية “الفخامة المطلقة” على هذه الحركة الجمالية المتّصفة بالاختزال والبساطة. ولهذا الغرض، تم اختيار مواد استثنائية واستخدامها، والحرص على أن يكون التصميم محدوداً وذكياً وغير متكلّف.
التصميم الخارجي
يستطيع العملاء اختيار لونهم المفضّل من بين 44,000 لون جاهز لدى العلامة أو ابتكار لون خاص بهم بمساعدة فريق بيسبوك. إلا أنّ الغالبية العظمى من الرجال والنساء الذين طلبوا هذه النسخة القاتمة من جوست اختاروا اللون الأسود المميّز. يتطلّب الحصول على هذا اللون الأسود الأكثر قتامةً في صناعة السيارات عمليةً معقدة تشمل تذرية 100 باوند (45 كلغ) من الطلاء ووضعه على جسم مشحون إلكتروستاتيكياً باللون الأبيض قبل تجفيفه في الفرن.
تستغرق هذه العملية ما بين ثلاث وخمس ساعات لكل سيارة، ما يتعذّر تطبيقه في قطاع الإنتاج بالجملة وبالتالي لا يمكن الحصول على هذا اللون إلا مع رولز-رويس. علاوة على ذلك، تساعد هذه الدرجة من القتامة في إضفاء لمسات لافتة ومطلية يدوياً مع خط “كوتشلاين”، وخير دليل على ذلك طراز بلاك بادج باللون الأسود والنيون الذي بات أشهر مثال على مجموعة سيارات رولز-رويس الحيوية هذه.
وتماشياً مع هذا الهيكل الدراماتيكي، تعاون فريق بيسبوك كولكتيف المؤلف من مصمّمين ومهندسين وحرفيّين ماهرين لابتكار عملية قابلة للتعديل بالكامل بما يتيح لمزايا رولز-رويس، مثل مجسّم روح السعادة وشبكة بانثيون اللامعين، الظهور بحلّة مميّزة.
وبدلاً من الاكتفاء بطلاء هذه المكونات، يتم استخدام إلكتروليت خاص من الكروم في عملية الطلاء التقليدية بالكروم حيث يتم وضعه على الركيزة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ لتعزيز قتامة اللون. فتصبح السماكة النهائية ميكرومتراً واحداً فقط، أي ما يعادل 1 على 100 تقريباً من عرض شعرة الإنسان. يتم طلاء كل عنصر من هذه المزايا يدوياً وبدقة تامة للحصول على لمسة من الكروم الأسود العاكس قبل تركيبها على السيارة.
أما عجلات السيارات المركّبة فمصمّمة خصيصاً من فريق بيسبوك بقياس 21 إنشاً. صُنعت أسطوانة كل عجلة بأسلوب بلاك بادج خصيصاً لبلاك بادج جوست، وتتألف ممّا يصل إلى 22 طبقة من ألياف الكربون المركّبة على ثلاثة محاور، ثم المطويّة على نفسها عند الأطراف الخارجية للحافة لتشكّل ما مجموعه 44 طبقة من ألياف الكربون لقوّة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، تضمّ العجلة محوراً من الألمنيوم المنصهر بأبعاد ثلاثية والمربوط بالحافة باستخدام مشابك تيتانيوم قوية تماثل تلك المستخدمة في المركبات الفضائية، فضلاً عن ميزة “غطاء المحور العائم” الذي تشتهر به العلامة ويتيح بقاء شعار (RR) في وضعية مستقيمة حتى أثناء سير المركبة.
التصميم الداخلي
تمّ ابتكار وتصنيع المواد الفاخرة المتقدّمة بطريقة مدروسة لتهيّئ الأجواء المثالية في المقصورة الداخلية. تلبّي المواد الهدف الميكانيكي الدراماتيكي لسيارة بلاك بادج جوست، كما تتماشى مع فلسفة تصميم جوست المدعوّة “الفخامة المطلقة” والتي تمتاز بالأصالة وجودة المواد بدلاً من التصميم البارز المبالغ فيه. من هذا المنطلق، ابتكر حرفيّو العلامة نسيجاً معقّداً وناعماً يضمّ نمط المُعينات العميق المصنوع من الألياف الكربونية والمعدنية.
وقد ثُبِّتت عدّة طبقات من الخشب على ركيزة العناصر الداخلية باستخدام كسوة بوليفار سوداء على الطبقة الأساسية العليا. ويشكّل ذلك أساساً داكناً لطبقات الألياف التقنية التي تتوالى بعدها. يتم تطبيق الأوراق المنسوجة من الكربون المطلي بالراتنج والخيوط المعدنية المتباينة والمُحاكة بنمط المُعينات على المكونات يدوياً بأسلوب متناسق يوحي بتأثير ثلاثي الأبعاد. ولحماية هذه الكسوة الرائعة، تتم معالجة كل عناصرها لمدة ساعة واحدة تحت الضغط بحرارة 100 درجة مئوية. ثم تخضع لعملية سفع بالرمل للحصول على سطح مقوّى لستّ طبقات من الورنيش، حيث يتم تنعيمها يدوياً وتلميعها قبل وضعها في السيارة.
وإذا أراد العميل، يمكن وضع شعار “اللانهاية” الذي تشتهر به مجموعة بلاك بادج على القسم الخلفي للمقصورة الواقع بين المقعدين المستقليّن والمعروف باسم “الشلال” المصنوع من الألياف التقنية. يوضع الرمز بالألمنيوم الذي يطابق المادة المستخدمة في المركبات الفضائية على غطاء حجرة تبريد المشروبات في بلاك بادج جوست، وذلك بين الطبقتين الثالثة والرابعة من بين ستّ طبقات ورنيش خفيف اللون، ما يوحي بأنّ الرمز عائم فوق كسوة الألياف التقنية.
وقد اختار فريق التصميم رفيع المستوى لدى العلامة تحسين الأجواء المظلمة في بلاك بادج جوست عبر الحدّ من الأجزاء المعدنية المصقولة. يتم تعتيم فتحة الهواء المحيطية على لوحة العدادات وفي المقصورة الخلفية باستخدام الترسيب الفيزيائي للبخار، وهي إحدى الطرق القليلة المعتمدة لضمان عدم تغيّر ألوان القطع أو بهتانها بفعل الوقت أو الاستخدام المتكرّر.
كما طُبِّقت مبادئ البساطة التي بُني عليها مفهوم “الفخامة المطلقة” بأسلوب دراماتيكي في تصميم الساعة داخل بلاك بادج جوست. فقد زُوِّدت أطراف العقارب فقط وعلامات الساعة 12 و3 و6 و9 بلمسة من الكروم الناعم للحصول على ساعة بسيطة وراقية. تتوفّر ساعات أخرى ضمن مجموعة بلاك بادج جوست لإرضاء أذواق شتّى العملاء.
يُحيط بالساعة ابتكار من بيسبوك هو الأول من نوعه في العالم لسيارة جوست، الواجهة الأمامية المضاءة والتي تعرض شعار “اللانهاية” المتلألئ حيث تحيط به أكثر من 850 نجمة. تقع مجموعة النجوم والنمط المزخرف على لوحة العدادات من جهة الراكب، وتختفي تماماً حين تكون الأضواء الداخلية مطفأة. وأسوةً بسيارة جوست، تمّت إضاءة شعار “اللانهاية” باستخدام 152 ضوء LED مركّب فوق الواجهة وتحتها، والتي تتطابق بدقة مع ألوان ساعة المقصورة وإنارة أقراص لوحة العدادات.
ولكي يضمن الفريق إضاءة الشعار بشكل متساوٍ، استخدم موجِّهاً ضوئياً بسماكة 2 ملم يضمّ أكثر من 90,000 نقطة محفورة بالليزر على طول مساحته. يؤدي ذلك إلى توزيع الضوء بشكل متساوٍ ويضفي تأثيراً متلألئاً مع حركة العين عبر الواجهة الأمامية، ما يحاكي البريق الخفيف لبطانة السقف المرصّعة بالنجوم والمزيّنة بالشّهب.
الهندسة
كان لا بدّ من اعتماد مفهوم هندسة الفخامة من خلال هيكل الألومنيوم الهندسي الخاص بالعلامة والذي تم استخدامه للمرة الأولى في فانتوم. يوفّر هذا الهيكل الفرعي ثباتاً استثنائياً لبدن السيارة ويتيح عبر مرونته تجهيز سيارة جوست بنظام دفع رباعي ونظام توجيه رباعي ونظام التعليق للهيكل المستوي الحائز على عدّة جوائز. وقد جرت إعادة هندسة هذه الخصائص الهندسية المذهلة بالكامل لسيارة بلاك بادج، حيث تم تركيب نوابض هوائية أكبر حجماً للتخفيف من ميلان السيارة عند المنعطفات القوية.
من جهة أخرى، اعتبر الفريق أنّه لا داعي لإضفاء تعديلات على محرّك رولز-رويس V12 المعزز بشاحن هواء “توربو” مزدوج بسعة 6.75 لتر. إلا أنّه تم استخدام مرونة هذا المولّد الشهير لإنتاج 29 قوة حصان إضافية، فأصبحت قدرة السيارة الإجمالية 600 حصان.
كما جرى تعزيز قوة الترس عبر إضافة 50 نيوتن متر إلى عزم الدوران، ليصبح المجموع 900 نيوتن متر. بالإضافة إلى ذلك، تمّت معالجة ناقل الحركة والصمام الخانق لتعزيز احتياطي الطاقة لدى المحرّك. يعمل ناقل الحركة ZF الأوتوماتيكي بـ 8 سرعات ومحاور التوجيه الأمامية والخلفية بالتزامن معاً لضبط مستوى التأثيرات التي يشعر بها السائق وفقاً لمدخلات الصمام الخانق ونظام التوجيه.