“السباقات تُحسن السلالة.” رغم أن هذا القول القديم كان صحيحًا يومًا ما، فإن العلاقة بين أداء السيارات في السباقات وأدائها على الطرق أصبحت أقل وضوحًا على مر السنين. السبب يعود إلى أن سيارات السباق أصبحت أكثر تخصصًا وتقييدًا بلوائح تقنية مشددة تهدف إلى تحسين “العرض”. على سبيل المثال، سيارة تويوتا كامري التي يستخدمها ديني هاملين في سباقات ناسكار لا تحمل أي تشابه مع سيارة العائلة ذات الدفع الأمامي والمتوفرة في معارض تويوتا.
لذلك قد يبدو من غير المنطقي أن تقنيات الفورمولا 1، التي تُنفق عليها ملايين الدولارات لتحسين الأداء بفروقات دقيقة، قد تجد طريقها إلى سياراتنا اليومية. ولكن هذا ليس صحيحًا، وفقًا لآدم ألسوب، مدير قسم التكنولوجيا المتقدمة في مرسيدس-AMG HPP (وحدات الطاقة عالية الأداء).
من مضمار السباق إلى الطريق العام
منذ عام 2010، عملت مرسيدس-AMG HPP على تصميم وبناء وحدات الطاقة لسيارات الفورمولا 1 الخاصة بمرسيدس. ساهمت هذه الوحدات، التي تُنتج في بريكسوورث بالمملكة المتحدة، في تحقيق 21 بطولة عالمية، بما في ذلك 7 ألقاب للسائق لويس هاميلتون و8 ألقاب لفريق المصنعين.
“مهمتنا واضحة: الفوز”، يقول ألسوب، الذي أشرف أيضًا على تطوير نسخة قانونية من محرك الفورمولا 1 لتستخدم في سيارة AMG One. لكن كيف يمكن ترجمة هذا النجاح إلى سيارات الطرق؟
يشرح ألسوب: “الأمر ليس ببساطة نقل التكنولوجيا مباشرة. بل يتعلق بتجاوز الحدود القصوى للتقنيات في الفورمولا 1 واستخدام تلك المعرفة لتحسين سيارات الطرق.” على سبيل المثال، تساعد دراسات الفورمولا 1 حول كفاءة استهلاك الوقود والطاقة في تحسين مدى السيارات الكهربائية.
تطبيق الابتكارات على السيارات الكهربائية
تقنيات مثل البُنى الكهربائية بجهد 800 فولت والمحوّلات المصنوعة من كربيد السيليكون، التي استُخدمت لعقد من الزمن في الفورمولا 1، بدأت تجد طريقها إلى سيارات الطرق. وقد ساعدت هذه التقنيات في تصميم منظومة القيادة الفائقة الكفاءة لسيارة EQXX الاختبارية، والتي ألهمت تطوير النسخة الكهربائية القادمة من سيارة مرسيدس CLA.
بالإضافة إلى ذلك، تعلم الفورمولا 1 المهندسين العمل بمرونة وتركيز شديدين تحت ضغط المنافسة العالمية. “نطبق هذا الفكر في مشاريع التكنولوجيا المبتكرة والطموحة”، يضيف ألسوب.
الابتكار في الإلكترونيات والطاقة
واحدة من أبرز المجالات التي تركز عليها HPP هي تطوير تقنيات المحولات والإلكترونيات. يشير ألسوب إلى أن تحسين جودة الموجة الكهربائية المتولدة من المحولات يلعب دورًا أساسيًا في تقليل الفاقد وزيادة الكفاءة، مما ينعكس إيجابيًا على مدى السيارات الكهربائية.
ختامًا
يرى ألسوب أن الفورمولا 1 توفر بيئة مثالية لاختبار الابتكارات الهندسية في ظل قواعد صارمة، مما يمكّن من نقل بعض هذه الإنجازات إلى سيارات الطرق. “لا يمكننا نقل كل شيء، لكننا ننقل العناصر المهمة”، يقول ألسوب، مشيرًا إلى أن الفورمولا 1 ستظل مصدرًا لإلهام الابتكار في عالم السيارات.
