إذا ما كنت من متابعي عالم السيارات، فستعرف حتما بأن الفئة الرابعة الجديدة من بي إم دبليو قد سببت جدلا حقيقيا، ليس فقط بين عشاق بي إم دبليو، ولكن بين متابعي عالم السيارات بشكل عام. السبب لا يحتاج إلى أكثر من نظرة عابرة لمعرفته. فتصميم السيارة جاء بمثابة صدمة ربما لم يتوقعها الكثيرون.
النقاش حول السيارة شهد تفاعلا كبيرا بين عشاق السيارات حول العالم، والكثيرون تبرعوا باستعراض مواهبهم في ”الفوتوشوب“ لتقديم نسخ معدلة من السيارة يرون بأنها كانت لتكون أفضل.
ولكن التاريخ يقول لنا أن بي إم دبليو لا تقوم بمثل هذه الأمور عبثا. بل هي شركة تأخذ مسألة التصميم بشكل جاد، ومع كل ”صدمة“ تقدمها للجمهور، نرى لاحقا أنها كانت صدمة إيجابية، تنعكس على قبول الجمهور لسياراتها من جهة، والحفاظ على هوية الشركة من جهة أخرى، بالإضافة إلى إطالة عمر التصميم بشكل يبدو أن منافسي بي إم دبليو لا يستطيعون مجاراته.
كيف ذلك، وما هي الأسباب التي ستجعل من هذه السيارة قصة نجاح أخرى لدى بي إم دبليو؟
١– إنها سيارة بي إم دبليو، تحتفظ بكافة عناصر التصميم التقليدية
ما هو الأمر الذي يميز تصاميم بي إم دبليو؟ كيف تعرف هذه السيارات بمجرد النظر إليها؟ الجميع يعتقد أن السر هو في الفتحات الأمامية الشهيرة باسم ”الكليتين“، أو ما يعرف بالـ Kidney Grille. لكن هناك أمور أخرى تميز سيارات بي إم دبليو دائما.
هل لاحظتم يوما أن جميع سيارات بي إم دبليو تتمتع بأضواء مزدوجة؟ في السابق كانت دائرية، ولكن اليوم، حتى مع تطور أنظمة الإضاءة واستخدام الـ LED، يظل رمي الأضوية الأمامية دوما رسما مزدوجا، في كل السيارات وكل الفئات. والفئة الرابعة الجديدة لم تتخلى عن هذه المقدمة.
سيارات بي إم دبليو كذلك سيارات تندفع بعجلاتها الخلفية، ومن هنا نلاحظ دوما تصميما جانبيا بقاعدة عجلات طويلة، بينما المسافة من العجلات إلى أطراف المقدمة أو المؤخرة، أم ما يعرف بالـ Overhang، مسافة قصيرة. هذا الأمر يعطي السيارات جميعا غطاء مقدمة طويل، مع مقصورة يتم دفعها إلى الخلف، مما يعطي السيارة ”بروفايلا“ جانبيا مميزا.
من الجانب، السكة الأكثر شهرة هي ربما انحناء ”هوفمايستر“ الشهير، ذلك الانحناء المميز الذي نراه في آخر الزجاج الجانبي الخلفي في كافة سيارات بي إم دبليو. لم تغب هذه الانحناءة في الفئة الرابعة الجديدة، ولكنها تأخذ الآن شكلا آخر. شخصيا أفضل الرسم التقليدي لها، إذ أشعر أنه يعطي السيارة شخصية أوضح. ولكنها لا تزال موجودة.
ثم هناك خط ”الأكتاف“. ذلك الخط البارز في الجسم، والذي يصل بين الأدوية الأمامية والخلفية، ويسير بالتوازي مع قاعدة زجاج السيارة. هنا الخط لا يزال ظاهرا، ولكنه الآن ”ينقسم“ في باب السيارة، ينزل إلى الأسفل، مما يعطي جناحي السيارة مظهر ”الأكتاف العريضة“ الرياضي. في الخلف، أضوية بي إم دبليو تميزت دوما بشكل حرف L بالإنجليزية. التصميم لا يزال حاضرا ولكن مع انحناء خفيف في الخط السفلي.
باختصار، لا تزال الفئة الرابعة تحمل كل عناصر DNA تصميم بي إم دبليو. إلا أنها كلها عرفت تعديلا ما، وربما هذه التعديلات جاءت أكثر مما توقعه البعض.
٢– فتحات ”الكليتين“ لم تكن يوما تتمتع بتصميم موحد، والتصميم الطولي ليس غريبا
الصدمة الأكبر للجميع كانت الفتحات ذات الحجم الهائل في المقدمة. هل هي جميلة التصميم؟ الأمر يعود إلى الذوق الشخصي حتما، ولكن علينا أن لا ننسى أن سيارات بي إم دبليو لم تتبع دوما نفس الشكل في الفتحات هذه.
بداية الفتحات هذه كانت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وكل سيارات بي إم دبليو كانت تتميز بفتحات طولية رفيعة. في أواخر الستينيات، بدأت بي إم دبليو تغيير الشكل نحو الفتحات الصغيرة التي اشتهرت بها، والتي اعتدنا عليها.
لكن ذلك لم يمنع بي إم دبليو يوما من إطلاق طرازات اختلفت فيها هذه الفتحات، ونجحت هذه الطرازات بشكل كبير.
هل تذكرون طراز 507 رودستر الشهير؟ أين الفتحات فيه؟ إنها عرضية بامتداد المقدمة. ولا ننسى طراز Z8 المماثل لها. وماذا عن طراز الفئة الخامسة من أواخر الثمانينيات؟ فئة E34 كانت رائعة، ولكن هل تذكرون فئة الـ V8 منها بالفتحات العريضة جدا، والتي تم تشبيهها آنذاك بمنخري الخنزير؟ حتى الفئة الثامنة (E31) التي ينظر اليوم إليها كسيارة ”كلاسيكية“، كانت فتحات الكليتين فيها صغيرة إلى درجة مضحكة.
بي إم دبليو تسعى اليوم لإعطاء كل من سياراتها شخصية مستقلة، وشكلا خاصا لفتحات المقدمة. رأينا التصميم في البداية على سيارة ”Concept 4“ الاختبارية العام الماضي، وعلى أرض الواقع تبدو السيارة رائعة، مع الفتحات الكبيرة هذه. فلننتظر لنرى السيارة بأم أعيننا قبل أن نطلق الحكم النهائي عليها.
٣– بي إم دبليو تفضل أن تصدم الجميع بتغيير شامل
على مدى السنوات، بي إم دبليو تتبع سياسة ”الصدمة والترويع“ في تقديم سياراتها! هل تذكرون الفئة السابعة (طراز E65)؟ حين ظهرت تلك السيارة سببت موجة عارمة من الانتقاد. لكنها عوامل التصميم التي قدمها كريس بانغل مع تلك السيارة غيرت وجه عالم تصميم السيارات إلى الأبد. إذ وعلى الرغم من الانتقادات، إلا أن تلك الفئة كانت واحدة من أكثر سيارات بي إم دبليو نجاحا، وبيع منها ما يقارب 350 ألف سيارة.
وماذا عن طراز Z4؟ أو الفئة السادسة، طراز E63؟ وحتى الفئة الخامسة طراز E60. كلها سيارات تعرضت لانتقادات حادة بسبب اللغة التصميمية المعتمدة فيها، لكنها أثبتت نجاحها، ليس فقط من حيث المبيعات، ولكن من حيث تركيز هويتها في أذهان المستهلكين. هذا الأمر يظهر جليا في ناحية واحدة، ألا وهي مدى بقاء التصميم ”شابا“ بعد عدة سنوات.
فكروا فقط في الأمر بهذا الشكل. طراز Z4 ذاك يبلغ عمره الآن 18 عاما بالتمام والكمال. بي إم دبليو M5 ذات محرك الـ V10 الرائعة؟ عمرها الآن 15 عاما، أما الفئة السابعة تلك، فعمرها اليوم يقارب العشرين عاما.
لنرى الفارق، فلنقارن هذه السيارات بمثيلاتها من مرسيدس مثلا. هل تذكرون الجيل الأول من مرسيدس SLK؟ أتفضلون تلك السيارة أم الـ Z4؟ هل ترى الفئة E من مرسيدس (W211) تبدو بنفس شباب الفئة الخامسة؟
قد تبدو الفئة الرابعة الجديدة ثورية جدا اليوم. ولكن بعد سنتين أو ثلاثة، ستجعل منافساتها تبدو تقليدية ومملة بعض الشيء.
٤– لا تخافوا، تحسينات ”منتصف العمر“، أو الـ Facelift ستخفف أثر التصميم
لدى بي إم دبليو أيضا عادة واضحة. بعد إطلاق سيارة بتصميم مثير للجدل، تقوم ”بتنعيم“ خطوطه في تعديلات منتصف العمر، أو ما يعرف بالـ Facelift، أو عملية شد الوجه. قامت بهذا الأمر مع السيارات الثلاثة التي ذكرتها سابقا، وخففت قليلا من خطوطها المثيرة للجدل. النتيجة أن الجميع يرحب بهذه التغييرات، بعد أن تكون قد أكملت مهمتها في تقديم لغة تصميمية جديدة تتسرب شيئا فشيئا إلى باقي سيارات بي إم دبليو. هل تعتقدون أن فتحات التهوية في طراز X7 جاءت عبثا، أم كانت بداية لما رأيناه في الفئة السابعة لاحقا؟ لو نجحت الفئة الرابعة الجديدة في الأسواق، تأكدوا بأننا سنرى تصاميم مختلفة أكثر فأكثر لفتاتي الكليتين ف سيارات بي إم دبليو كافة. ببساطة، علينا أن نعتاد على الأمر.
٥– من خلف المقود، ستكون الأفضل
الأمر الأهم لدى بي إم دبليو هو ليس التصميم، بل تجربة القيادة. وفي هذا المجال، لن تترك الشركة البافارية الأمر للصدفة أو للذوق العام. السيارة أقل ارتفاعا من الفئة الثالثة مثلا بـ 57 مليمتر، مع زيادة في عرض المحور الخلفي بمقدار 23 مليمتر. تصميمها الآيروديناميكي أفضل مع تقليل لقوة رفع الهواء في المؤخرة لثبات أكبر، مع زيادة في قساوة وصلات نظام التعليق ومختصات صدمات بتغيير أقسى وزيادة في صلابة قاعدة السيارة، بالإضافة إلى معايير خاصة للمقود والمكابح، بل وحتى زيادة زاوية ميلان العجلات الأمامية (Negative Camber) لثبات أفضل للمقدمة.
أضف إلى ذلك محركات قوية، وستجدها سيارة بي إم دبليو كوبيه ذات الشخصية الرياضية التي نعرفها ونعشقها. طراز القمة (حاليا، بانتظار وصول طراز M4) هو M440i مع محرك من ست اسطوانات متتالية بسعة 3.0 ليتر مع شاحن تيربو بقوة 374 حصان، يدفع السيارة إلى سرعة 100 كلم/س في 4.5 ثانية فقط.
وإذا كان التصميم الخارجي مثيرا للجدل، فالتصميم الداخلي رائع. مقصورة السيارة رصينة، حديثة، رياضية وفاخرة وتحمل سمات بي إم دبليو التقليدية. ومع مثل هذه القوة وهذه المقصورة، ربما لن يهتم سائقها كيف تبدو من الخارج. ففي النهاية ليس هو من سيضطر للنظر إليها!