على ما يبدو فإن مساعي كهربة السيارات تتصاعد بوتيرة متسارعة خصوصاً مع وجود لوائح بيئية جديدة لمحاربة الإحتباس الحراري الذي تعاني منه الأرض ومواجهة هذا الإرتفاع الذي من شأنه أن يغير الحياة كما نعرفها على هذا الكوكب الأزرق خصوصاً مع الحديث المتزايد عن تعرض الأرض لموجة الإنقراض السادسة التي, وهذه المرة نتيجة فعل الإنسان.
أوروبا هي أول قارة بدأت بوضع قوانين ستمنع تشغيل السيارات العاملة على الوقود الأحفوري أي على البنزين والديزل وذلك بحدود عام 2025، وبعد البدء بتنفيذ هذه القوانين سيتراجع عدد السيارة التي تطلق غازات الكربون في الهواء بشكل كبير, مما دفع شركات السيرات والبطاريات إلى بناء مصانع ومنشآت من أجل تلبية المتطلبات البيئية الجديدة للبشرية.
ومن أبرز هذه الشركات, شركة تسلا التي تعتبر أهم شركة لتصنيع السيارات الكهربائية في عصرنا الحالي, غير أن ذلك لم يمنع مساع حثيثة من قبل شركات كبرى أخرى على غرار مرسيدس وبي أم دبليو وتويوتا وغيرها من الإلتحاق بالتطور الكهربائي القادم بقوة.
غير أن القدرة على الكهربة وتلبية الحاجات البيئية لا تقتصر على الشركات الكبرى المعروفة, إذ وعلى ما يبدو فإن شركة جديدة تستعد للإعلان عن موقع مصنعها لبناء بطاريات الليثيوم أيون الجديدة التي من شأنها أن تنافس انتاج مصنع تسلا العملاق وتدعى هذه الشركة تيرا E وهي شركة ألمانية تتباهى بأنها إحدى الشركات التي سوف تقوم بالمساعدة على تخفيف الأعباء البيئية عن كوكبنا الأزرق .
وستختار الشركة بين خمسة مواقع مرشحة فى المانيا او دولة مجاورة الشهر القادم لبناء مصنع بطارياتها ذات الـ34 جيجاواط في الساعة، وفقا لما ذكره الرئيس التنفيذي لشركة تيرا E هولجر جريتسكا الذي تحدث الى بلومبرج.
وتفيد المعلومات بأن هذا المشروع قد تمكن من الحصول على دعم الحكومة الألمانية، مما يعني أنها شركة جدية وليست شبيهة بالشركات الأخرى التي بدأت كشركات سيارات كهربائية وسرعان ما إختفت عن الساحة والأمثلة كثيرة ومعظمها شركات صينية، الأمر الذي دفع بالصين إلى وضع شروط كثيرة وصعبة للحصول على ترخيص لصناعة السيارات الكهربائية.
وسيبدأ العمل على هذا المشروع إبتداءً من أواخر عام 2019 لكي يصل في نهاية المطاف إلى كامل طاقته في عام 2028, أي بعد 11 عاماً من اليوم.
وتعتبر المانيا من أبرز الدول الملتزمة بالبيئة وبتخفيف الأعباء البيئية التي يسببها التلوث بسبب الإستخدام المكثف للوقود الأحفوري لتوليد الطاقة من أجل تشغيل المعامل والمصانع ومن أجل عملية التنقل, وهي قد تمكنت من بناء حقول ضخمة من مولدات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح على إمتداد البلاد ولم تدخر جهداً في وضع بصماتها على أي مجهود يعطي دفعاً لهذه المساعي. ويعتبر مصنع البطاريات الجديد أحدث مؤشر على إعداد الصناعة الألمانية لعصر جديد في ثورة الطاقة. ويمكن استخدام حزم بطارية ليثيوم أيون ليس فقط في السيارات الهجينة ولكن أيضا على شبكات الكهرباء حيث أنها يمكن أن تساعد على استقرار التدفقات المتقطعة من الرياح والطاقة الشمسية.
من ناحية أخرى يعتبر التنافس وتحقيق الأرباح من أبرز ما يحرك النظام القائم على الإنتاج الرأسمالي وبالتالي التخفيف قدر الإمكان من اليد العاملة أو من تكاليف الإنتاج, للحفاظ على هامش أوسع من الأرباح, وهذا الأمر إنعكس برمته على البيئة التي لم تدخر الشركات أي جهد في سبيل إستغلالها حتى ولو على حساب المحافظة عليها الأمر الذي أدى إلى إختلال الميزان البيئي وباتت مادة ثاني أوكيسد الكربون هي المادة المهيمنة على مشاكلنا البيئية الحالية والسبب الرئيسي للإحتباس الحراري.
لكن وعلى الرغم من ذلك فإن المنافسة الآن أصبحت أكثر لطفاً حيث أن الشركة الجديدة دخلت في منافسة إيجابية على إنقاذ البيئة لا تدميرها من أجل الربح وهي اليوم تنافس مصنع تسلا الضخم لإنتاج البطاريات حيت أنه من المتوقع أن تحقق ضعف قدرتها على تصنيع البطاريات بحلول عام 2021 عالميا، ليصبح معمل تسلا ثاني أكبر صانع للبطاريات في العالم، وبمجرد اكتمال مصنع بطاريات الـ35 جيغاواط/ساعة في ولاية نيفادا.
وسوف يركز مصنع البطاريات تيرا E أكثر على بطاريات للوحدات الثابتة، وفقا لغريتسكا, حيث أنها تهدف للإستفادة من الأسواق الناشئة لتطبيقات المحمول والتطبيقات غير المتعلقة بالسيارات.
هذه المنافسة لم تكن بعيدة عن رؤية فولكس واغن التي أعلنت قبل شهرين بأن العالم يحتاج إلى ما يعادل الـ40 مصنعاً ضخماً يكون قادراً على إنتاج ما يمكن لمصنع مثل تسلا إنتاجه خلال العقد المقبل وذلك من أجل مواكبة الطلب على بطاريات ليثيوم أيون.
وفي حديث صحفي مع Car Scoops وضع اولريتش ايتشورن رئيس قسم البحث والتطوير في شركة فولكس فاغن رؤيته على اساس اهداف داخلية بان ربع حجم السيارات سوف يتكون من السيارات الكهربائية بحلول عام 2025.
ويقول إيتشورن أنه بحلول عام 2025، سوف تحتاج فولكس فاغن وحدها إلى أكثر من 200 جيجاوات/ساعة من الكهرباء لمركبات الطاقة الكهربائية، وإذا استهدفت شركات صناعة السيارات الرائدة الأخرى أيضا 25 في المئة من حجم مبيعاتها لتكون من المركبات الكهربائية بحلول عام 2025، فإن هذه الصناعة سوف تحتاج إلى أكثر من 1.5 تيراوات/ساعات من البطاريات، أي ما يعادل أكثر من 40 مصنع ضخم للبطاريات.
فولكس واغن، من بين أمور أخرى، تدرك أن التطورات في تكنولوجيا البطاريات يمكن أن تزيد من كثافة الطاقة من الخلايا وبالتالي قد يكون هناك حاجة إلى عدد أقل من مصانع البطارية.
وفي النهاية لا بد لنا في عالم السيارات ومع إشتداد المنافسة على خدمة البيئة من طرح مجموعة من الأسئلة المهمة:
اولاً: هل ستأتي هذه المساعي بنائج إيجابية تساعد البيئة على تنظيف نفسها؟
ثانياً: هل المرور بعملية التصنيع في هذه المعامل لها آثار بيئية جانبية أكثر خطورة نظراً لأن الأنتاج لا زال بحاجة إلى الطاقة التي لا زالت تعتمد بشكل أو بآخر بنسبة معينة على الوقود الأحفوري؟
ثالثاً: هل مرحلة ما قبل الإنتاج مضرة بيئياً خصوصاً أن المواد الأولية التي يتم إستحضارها لا زالت تستهلك الكثير من الطاقة سواء من خلال الإستخراج أو النقل أو غير ذلك من العمليات التي تسبق الإنتاج.
رابعاً: هل تتشجع شركات أخرى على بناء مصانع إضافية لإنتاج البطاريات للسيارات الكهربائية, أم أن مصنعين وحيدين في أوروبا هما كفيلين بتلبية كل حاجات العالم من البطاريات الآن وغداً وبعد عشر سنوات أو أكثر…
خامساً: هل الجدوى الإقتصادية من بناء هذه المصانع تمت بناءًا على دراسة الجدوى البيئية أيضاً أم أن هناك عقد مخفية في هذا المجال؟
وحده المستقبل كفيل بالإجابة عن هذه الأسئلة… إلى ذلك الحين ما علينا سوى التشجيع على التفكير بالبيئة على أقل تقدير وإنتظار النتائج المباشرة وغير المباشرة لهذه المساعي.
يذكر انه بامكانكم متابعتنا على تويتر @Alamalsayarat.
تابعوا المزيد من الأخبار
حتى بوجاتي تحولت إلى الكهربة.. لمزيد من الأداء!