December 22, 2020

تايكان الجديدة.. قلب كهربائي ينبض بتقاليد بورشه

بورشه تايكان استبدلت محركها التقليدي بمحركات كهربائية. فهل لا تزال سيارة بورشه حقيقية، أم أن الاختلاف الكبير في التقنية سيجعل منها سيارة مختلفة عن شقيقاتها في العائلة؟

بورشه ليست شركة تقليدية. قد يبدو هذا تصريحا غريبا بالنسبة لشركة عاشت لسنوات طويلة، وبنت سمعتها العالمية، اعتمادا على سيارة واحدة. ولكن حين تكون سيارتك الأشهر تحمل الأرقام 911، من سيلومك؟

لكن الحقيقة هي أن بورشه كانت دوما سباقة في عالم الابتكارات التقنية. إطلاق 911 تيربو كان بداية نشر هذه التقنية في السيارات الرياضية. بورشه 959 الأسطورية قدمت الدفع الرباعي في عالم السوبركار، ونظام التوربو المتتالي والتعليق المتغير. تجهيزات بدت وكأنها من فيلم خيال علمي في الثمانينيات. المكابح المصنوعة ألياف الكربون والسيراميك؟ ظهرت مع 911 GT2، وحتى علبة التروس المزودة ”بكلتشين“، أو PDK كما تعرف لدى بورشه، قادت الشركة تطويرها. أول سيارة زودت بها؟ بورشه 962 الأسطورية عام 1985.

لكن بورشه لم تكتف بذلك. حين يتعلق الأمر بالتحول الكهربائي في مجال دفع السيارات، قادت بورشه المسيرة في عالم السيارات الرياضية. أقوى وأسرع طرازات بورشه باناميرا وكايان هي الآن فئات هايبرد كهربائية. لكن تاريخ بورشه مع السيارات الكهربائية يعود إلى وقت سابق، وإلى أكثر من مئة عام.

أول سيارة قدمها فرديناند بورشه ”الجد“، حملت اسم ”لوهنر بورشه“، وكانت سيارة كهربائية بالكاملعرضت في معرض باريس العالمي عام 1900. بعدها بقليل، وفي نفس العام، قام بتطوير السيارة وتزويدها بمحرك احتراق داخلي، يقوم بشحن البطاريات عند اللزوم، ليقدم للعالم فعليا فكرة الدفع الهجين التي باتت منتشرة اليوم.

لذلك لم يكن مستغربا على الإطلاق أن تقوم بورشه بلعب دور رياضي في تطوير السيارات الكهربائية. وبالفعل كانت النتيجة كما تتوقعها من بورشه: سيارة بتصميم فريد، محركات فعالة، تكنولوجيا متطورة واداء لا تشوبه شائبة. والسيارة طبعا كانت بورشه تايكان.

بورشه تايكان

ولكن كيف يمكن لسيارة سيدان فاخرة بأربعة أبواب تندفع بالطاقة الكهربائية أن تكون سيارة بورشه حقيقية؟ كيف يمكن لسيارة تسير بلا صوت أن ”تدغدغ“ مشاعرك مثل سيارة بمحرك البوكسر التقليدي؟

أولا، هناك الشكل الخارجي. بحسب مايكل مور، كبير مصممي بورشه، سيارات الشركة الألمانية ليس لها ”وجه“ محدد، ولكن لديها مؤخرة ذات شخصية مميزة. السيارة لا بد أن تميز فورا على أنها بورشه بفضل أبعادها النسبية (Proportions) وبعض التفاصيل التصميمية العامة، ولكن أي طراز من بورشه ستحدده تفاصيل التصميم الخاصة بالطراز.

هذه الفلسفة التصميم تظهر بوضوح في تايكان الجديدة. الأضواء الأمامية، مع تقنية ”ماتريكس LED“ تبدو مستقبلية فعلا، وكأنها حرفيا منحوتة من جسم السيارة. تفاصيل الإضاءة رائعة، ولكن خلفها تقبع تكنولوجيا مميزة، إذ أن هذه الأضواء التي تبدو وكأنها ”تطفو“ في فتحة الهواء، تحيط بها فتحة تتحكم بسير الهواء نحو أقواس العجلات من أجل تحسين انسيابية السيارة.

مقدمة السيارة تشير إلى أنها سيارة بورشه فعلا، مع أجنحة أمامية أعلى من الغطاء الأمامي الذي ينساب إلى الاسفل بزاوية حادة، مع فتحات هواء في الأسفل تعطيها شكلا رياضيا مميزا. لكن إذا ما نظرت إلى السيارة جانبيا فسترى فيها روح بورشه أيضا. تصميم النوافذ الجانبية مستمد من سيارات بورشه بوضوح، مع خط السقف المائل للخلف بشدة، والأجنحة الخلفية المنتفخة التي تذكرنا بطرازات 911 تيربو.

أما في الخلف، فالأضواء الخلفية، أو بالأصح، الضوء الخلفي الممتد على طول المؤخرة، فيمنح تايكان الشبه العائلي المطلوب، ولكن بتفاصيل مختلفة، ربما أبرزها اسم بورشه البارز المنحوت في وسط خط الضوء هذا، والذي يعزز الشعور بعرض السيارة ووقفتها الثابتة على الطريق.

في الداخل، ستجد الأمر ذاته. لوحة العدادات المنحنية تبدو مشابهة في التصميم لطراز 911، ولكنها الآن عبارة عن شاشة عصرية ذكية، ولكنها متواجدة خلف مقود بورشه بلا أدنى شك. تصميم لوحة القيادة نفسه ليس ببعيد عن ما ستراه في طرازات باناميرا، ولكن مع تركيز أكبر على الناحية المستقبلية، والتقنيات الحديثة عبر الشاشات المتعددة التي تعمل باللمس. وإذا ما نظرت إلى أعلى لوحة القيادة فستجد الدليل الأبرز على هوية السيارة: الساعة التقليدية لبورشه.

لكن حتى تستحق السيارة، أي سيارة، أن تحمل شعار بورشه على مقدمتها، لا بد لها من أن توفر شيئا مهما: الاداء ومتعة القيادة. وفي هذا المجال لن تخيب تايوان الآمال. على العكس، التحول الكهربائي أضاف بعدا جديدا للاداء لدى بورشه. تايوان مزودة بمحركين كهربائيين، مثبتان على المحورين الأمامي والخلفي. القوة التي يوفرها النظام الكهربائي تختلف بحسب الفئة. الطراز القياسي حاليا هو تايكان 4S، وتبلغ قوته 435 حصان، ويصل إلي سرعة 100 كلم/س في أربع ثوان فقط. أداء لا غبار عليه، ولكن حين ننتقل إلى فئة القمة، طراز تايكان تيربو S، فالقوة تصل إلى 761 حصان في حال تفعيل نظام التحكم بالانطلاق، ولتصل إلى سرعة 100 كلم/س في 2.8 ثانية فقط، وإلى 200 كلم/س في 9.6 ثانية فقط، بينما قطع مسافة 400 متر لا يحتاج سوى إلى 10.7 ثانية. للمقارنة، هذه الأرقام تحاكي طراز بورشه 911 تيربو الجديد.

هذه التأدية، وهنا العامل الأهم، لا تقتصر على الانطلاق في خط مستقيم كما هو حال بعض السيارات الكهربائية التي تحقق أوقات تسارع مذهلة، ولكن تظهر أوجه القصور فيها لحظة الكبح ومحاولة الانعطاف. بورشه تايكان هي سيارة بورشه بمعنى الكلمة، ويظهر هذا الأمر في تفاعل السيارة مع السائق في المنعطفات، عند الكبح والتسارع. نعم، هناك فارق لا يمكن تجاهله في أسلوب القيادة بين السيارات الكهربائية والسيارات التقليدية، ولكن في النهاية تبقى ديناميكيات القيادة واضحة، واداء تايكان يرقى إلى حمل اسم بورشه، وإن كان ذلك عبر تجربة قيادة مختلفة.

قد يبدو كتصريح متناقض، ولكن بورشه تايكان الكهربائية الجديدة، بكل ما فيها من تكنولوجيا وابتكار، هي في الحقيقة بورشه تقليدية في روحها. فإذا ما نظرت أبعد من التصميم المستقبلي والتقنية الكهربائية، ستجد أنك تنظر في الحقيقة إلى سيارة بورشه رياضية. كل ما في الأمر هو أنها استبدلت محرك البوكسر الشهير بتيار كهربائي مذهل.

أهم المقالات