يناير 17, 2015

بالأرقام والتفاصيل.. ما حقيقة انخفاض أسعار السيارات في لبنان؟

لم تكن وطأة انخفاض أسعار المحروقات متشابهة بين دول العالم، فبالرغم من قيام الحالة الواحدة الا ان النتيجة كانت مختلفة لبنانيا، كحال هذا الوطن الذي يستقبل الذبذبات الخارجية وفقا لوضعه الخاص المتميز في الشرق الأوسط لاسيما بحالة عدم تأثر الجوار العربي بهذا الأمر وفقا لما هو واضحا.

فلا يخفى على أحد أن انخفاض سعر الوقود شكّل بشرة سارة للبنانيين الذين تهافتوا على محطات الوقود لتزويد سياراتهم بالسعر المنخفض الذي لطالما حلموا به، خصوصا أن السيارة التي كانت تمتلىء بـ 70 ألف ليرة لبنانية أصبحت تطلب ما يقل عن الـ 40 ألف ليرتفع مؤشر الوقود الى أقصى معدل. مما يعني أن هذه البشرة قد أفرحت جميع اللبنانين بغض النظر عن نوع السيارة سواء كانت من المركبات ذات الاستهلاك المنخفض للوقود أو ذات الـ 6 و 7 سيلندر.

وبعد البحث في طيات هذا الأمر لاسيما مع تدني سعر اليورو، بدأت الأحاديث تدور حول إمكانية انخفاض أسعار السيارات وسط هذه التقلبات التي تضرب الحالة الاقتصادية في العالم، مما يوجب علينا البحث في جدية ما يشاع بهذا الخصوص.

النظرية الاقتصادية القائمة

فمن الناحية الاقتصادية، يعتبر تغير الاسعار وتقلبها مختلفا بتعدد الأسواق اذ يوجد عدة فئات فيما بينها الـ”Sticky price” الذي يعتبر من الصعب تغير الاسعار والثوابت فيه كحال الأسواق اللبنانية التي لا تتأثر عادة بالتقلبات والتغيرات العالمية، على عكس ما نشهده اليوم مما يرجح امكانية انخفاض أسعار السيارات كحالة استثنائية غير مشهودة.

توجه أصحاب المعارض

ومن جهتهم أصحاب المعارض، يعتبرون أن السيارات ذات الاستهلاك القليل للوقود قد يتراجع سعرها بشكل ملحوظ لاسيما بعد انخفاض الطلب عليها وذلك وفقا للعلاقة الاقتصادية القائمة على العرض والطلب.

ويشير السيد ابراهيم رمضان، صاحب معرض للسيارات في منطقة بيروت، الى أن “السيارات التوفيرية قد ينخفض سعرها بعد تراجع الطلب عليها في حين ان سيارات الـ 8 و6 سيلندر سيرتفع عليها الطلب مما يزيد من سعرها بشكل محتم وذلك مشرعا في قوانين التجارة والأعراف الاقتصادية”.

وأضاف: “السيارات الأوروبية ستشهد انخفاضا كبيرا وليس كالذي ستشهده السيارات التوفيرية اذ ان لأصحاب المعارض الحرية بتحديد أسعارهم وفقا لما هو مناسبا لهم، وتراجع الأسعار سيكون تحديدا للسيارات المستوردة من أوروبا وذلك بسبب تدني سعر اليورو”.

موقف العلم والاقتصاد

وفي ظل هذه الأحاديث المتادولة في السوق، كان لا بد من العودة الى رأي المختصين في هذا المجال، حيث اعتبر الأستاذ الجامعي ومقدم البرامج الاقتصادية، الزميل خالد فايد في حديث خاص لموقع “عالم السيارات”، أنه “مما لا شك فيه أن مسألة إنخفاض أسعار النفط والمحروقات كان لها أثر على كافة قطاعات الإقتصاد اللبناني في كل قطاعاته ولو بنسب متفاوتة ومرد ذلك إلى كون النفط يمثل سلعة استراتيجية هامة تدخل في تكاليف مختلف عناصر الإنتاج وبالتالي أسعار السلع والخدمات التي يقدمها الإقتصاد الوطني”.

تفاوت الطلب وتقلب أسعار السيارات

وأضاف فايد: “في ما يتعلق بقطاع السيارات، وتحديدا سوق السيارات الكبيرة (6 و 8 سيلندر)، فإننا نقول أنه من حيث المبدأ ووفقا لقاعدة العرض والطلب فإن سوق السيارات يفترض أن يزدهر من ناحية زيادة الطلب على السيارات ككل (بشكل بطيء وعلى المدى الطويل نسبيا نظريا لمرونة الطلب الضعيفة على الوقود) ويرافق ذلك زيادة في الطلب على السيارات الكبيرة التي تستهلك كميات اكبر من المحروقات خاصة بالنسبة لشريحة كبيرة من اللبنانيين التي تهوى هذه السيارات “الفخمة” و”الأنيقة” في العادة وذلك بعد أن أحجمت عن شرائها في الفترات السابقة نتيجة الارتفاع المطرد في اسعار النفط، وبطبيعة الحال سوف تؤدي هذه الظاهرة الى ارتفاع نسبي في أسعار هذه السيارات وانخفاض نسبي أيضا في أسعار السيارات الصغيرة “وفِيرة البنزين”.

أرقام ووقائع مغايرة

وأشار فايد الى أن “كل ما سبق هو نظري لأننا عمليا إذا عدنا للواقع والأرقام فإننا نرى أن انخفاض أسعار المحروقات عالمياً قد أدى الى زيادة الإقبال على شراء السيارات في غالبية الدول ومن بينها الولايات المتحدة التي سجلت سوقها في شهر تشرين الثاني الماضي أكبر نسبة اقبال على شراء السيارات منذ عشر سنوات، مع بيع 17.2 مليون سيارة على مدى عام، أما في لبنان فقد تراجع مبيع السيارات خلال وعقب الفترة التي بدأ فيها سعر البنزين بالتراجع بشكل كبير (نحو 40%) ، ما يعني أن سوق السيارات لا يرتبط بشكل مباشر ووحيد بسعر البنزين. أمّا بالنسبة لطراز السيّارات المباعة، فقد حافظت السيارات الكوريّة على صدارتها لجهة مبيعات السيّارات الجديدة مع تسجيل مبيع ما نسبته 41.5 في المئة من إجمالي مبيعات السيّارات الجديدة في مقابل 4.83% للسيارات الأميركية (الكبيرة غالبا)”.

ويعتبر أن “هذه الأرقام تؤشر الى استمرار الطلب على السيارات الصغيرة نظراً الى انخفاض استهلاكها للبنزين بخلاف السيارات الكبيرة، من دون الأخذ بالإعتبار بشكل كبير الى انخفاض اسعار المحروقات. ومرد ذلك الى انعدام ثقة اللبنانيين باستمرار انخفاض أسعار البنزين، فالمواطن اللبناني يعتبر أن تراجع اسعار المحروقات مجرّد حالة ظرفية لا يمكن استمرارها”.

وضع حدّ لانخفاض سعر المحروقات في لبنان

وشدد فايد على أنه “من الواضح أن الانخفاض في اسعار النفط مستمر عالميا حتى نهاية العام على الأقل نتيجة العديد من الأسباب والمؤشرات لسنا بمعرض الحديث عنها الآن، وأن الدولة اللبنانية ووزارة الطاقة سيكون لهما تدخلات واضحة لضبط هذا الانخفاض داخليا نتيجة العديد من الاسباب ليس آخرها موضوع الجعالة أو الضريبة على القيمة المضافة التي تتعاطى معها الوزارة بحزم شديد، إلا أن الاستمرار عند هذه المستويات المنخفضة نسبيا في أسعار النفط سيؤدي بالضرورة الى ارتفاع الطلب على السيارات الكبيرة ولو مرحليا”.

انخفاض وثبات في الأسعار

وعليه، وفي ظل هذه الاراء تبقى الخلاصة أن سعر السيارات الأوروبية قد يتراجع بشكل كبير على خلاف أسعار السيارات التوفيرية التي لن تشهد انخفاضا على المدى القريب خصوصا في ظل الحرية المطلقة المعطاة لأصحاب المعارض في لبنان حيث انهم يمارسون حريتهم التجارية من دون أي قيود أو ضوابط. بالاضافة الى أن هذا الامر يرتبط بمدى انخفاض سعر المحروقات في السوق المحلي.

وفي جميع الاحوال، يبقى الأمل الوحيد في استمرار انخفاض سعر المحروقات في لبنان لتتراجع بعدها أسعار السيارات لربما ينتعش حال اللبنانيين على الأقل في قيادة السيارات وتوفير القليل من الأموال.

أهم المقالات

سيارة من جدة الى مكة