لا تقتصر عوامل تشتيت الذهن على الأسباب الخارجية، بل كثيراً ما تبدأ أساساً من حديث النفس الذي قد يشغل الذهن لدرجة صرفه عن الالتفات للبيئة المحيطة وما قد تتضمنه من مخاطر، وتكتسب مسألة مكافحة التشتت أهمية أكبر أثناء أداء المهام الدقيقة التي تتطلب قدراً عالياً من التركيز كقيادة السيارات.
ولا تعد محاولات التعامل مع هذه المسألة وليدة اليوم، بل بدأت قبل فترة طويلة، فعلى سبيل المثال في عام 1953 أضافت بعض الطرق في ولاية نيوجيرسي الأميركية شرائط من الخرسانة المموجة تُصدر صوتاً مرتفعاً لتنبيه السائقين الغافلين في حال انحراف مركباتهم عن المسار المحدد.
وفي تلك الأيام، ربما كان القلق يتعلق بتركيز السائقين على الاستماع للراديو أو الموسيقى، بينما يوجد حالياً ما يفوقهما بكثير من ناحية القدرة على الاستحواذ على انتباه السائقين، كإجراء المكالمات الهاتفية والهواتف الذكية وتطبيقاتها وخدمات التراسل الفوري.
وحسب استطلاعات للرأي، أقرّ ما يزيد على ثلثي السائقين الأميركيين باستخدامهم الهواتف المحمولة أثناء القيادة، وعلى الرغم من منع استخدامها، إلا أن ذلك حقق نجاحاً متفاوتاً.
وتزداد حدة المشكلة في أوساط المراهقين، وهي مجموعة تتعرض بالفعل للكثير من المخاطر مع قيادتها للسيارات.
ووفقاً لدراسة نشرتها «الجمعية الأميركية للسيارات» في مارس الماضي، كان التشتت عاملاً مؤثراً في 58% من الحوادث في هذه الفئة العمرية، ما يُماثل أربعة أضعاف النسبة التي قدرتها «الإدارة الوطنية لسلامة الطرق السريعة».
واعتمدت دراسة الجمعية على تحليل 7000 فيديو سجلتها كاميرات المراقبة داخل سيارات المراهقين بين عامي 2007 و2013، بعدما وافقوا على تركيبها نظير حصولهم على تخفيضات على أقساط التأمين.