أن تكون المرشح المفضّل للفوز بلقب رالي داكار شيءٌ رائع، لكن ليس بالضرورة شعورًا مريحًا. تعرض السائق القطري ناصر بن صالح العطية للضغط عدة مرات من قبل، لكن هذا العام قدّم مع ملّاحه الفِرنسي ماتيو بوميل أداءً بارعًا. كان ناصر حريصًا على انتزاع الصدارة منذ البداية، حيث سجَّل أفضل الأوقات في المرحلة الخاصة الأولى بجُزئيها “أ” و “ب“. كان سائقو أودي في حالة تأهب، لكنهم لم يكونوا بمنأى عن المشكلات، أولًا عندما ارتكب السائق الإسباني كارلوس ساينز الأب خطأً ملاحيًا فادحًا، ومن ثم في اليوم التالي، خسر السائق الفِرنسي استيفان بيترهانسيل عجلةً خلفية، اضطر إلى القبول بعقوبة زمنية صارمة لكي يُواصل مغامرته في داكار.
مع المُقدمات أعلاه، حصلت المُنافسة على اللقب بين ناصر والسائق الفِرنسي سيباستيان “سيب” لويب، من فريق “البحرين رايد إكستريم” في سيارة “بي آر أكس – برودرايف” طراز “هانتر“، لكن تعثّر سيب في المرحلة الخاصة الثالثة، حيث انكسر محور نقل الحركة، ما أدى لخسارته 50 دقيقة مع انتهاء الأسبوع الأول من الرالي.
وهكذا، أصبح ناصر، الذي عُرِفَ بـ “أمير الصحراء” في رالي داكار عندما كان يُقام في أمريكا الجنوبية، ملكًا في الصحراء العربية، إذ فاز بكل اقتدار بلقبه الرابع في رالي داكار، بعد أعوام 2011 و 2015 و 2019، وربما اللقب الأغلى على قلبه لإنه يُقام في الخليج العربي، في البلد المجاور لبلده. يمكن لسيب أن يكون سعيدًا بتأدية سيارة “بي آر أكس” الجيدة، وأن يقنع بمركز الوصافة، كما حدث في عام 2017 ، عندما أخفق منافسة زميله آنذاك استيفان… وهذا أقل ما يفضله!
أدخل السائق السعودي يزيد بن محمد الراجحي نفسه في المُنافسة على اللقب مثبتًا بأنه قوةٌ لا يستهان بها على أرض بلاده، وأنهى الرالي في المركز الثالث، وهذه أفضل نتيجة له في رالي داكار حتى الآن، حيث تأخر بـ 1:01:13 ساعة عن ناصر.
خلف المراكز الثلاثة الأولى التي يتوق إليها الجميع، يمكن أن يكون فريق “بي آر أكس – برودرايف” سعيدًا بوصول سائقٍ آخر ضمن المراكز الخمسة الأولى، حيث أنهى السائق الأرجنتيني أورلاندو “أورلي” تيرانوفا الرالي في المركز الرابع، وهذه أفضل نتيجة في مسيرته المهنية في الرالي بعد 14 مشاركة فيه، وأنهى السائق الجَنُوب إفريقي جينيل دي فيلِّييرز الرالي خامسًا في سيارة تويوتا “هايلوكس“.
في المُقابل، يبدو بأن سيارة ميني “جون كووبر ووركس باغي” من تحضير “أكس رايد” قد فقدت تألقها بوصول الجيل الجديد من السيارات الأنموذجية فئة “تي 1+”، سجَّل السائق البولندي ياكوب “كوبا” برزيغونسكي أفضل نتيجةٍ للفريق الألماني بإنهائه الرالي في المركز السادس، تمكَّن السائق الفِرنسي ماتيو سيرادوري من حشر نفسه بين العشرة الأوائل، حيث أوصل سيارته “أس آر تي” طراز “سينتشُري باغي” إلى المركز السابع، تبِعه السائق الأرجنتيني سيباستيان هالبيرن ثامنًا في سيارة ميني “جون كووبر ووركس باغي“، كان السائق السويدي ماتياس إكستروم أفضل ممثلٍ لفريق أودي وسيارتهم الجديدة “آر أس كيو إي – ترون“، حيث أنهى الرالي في المركز التاسع مع فوزٍ واحد بإحدى مراحل الرالي (أنظر زاوية “إحصائية اليوم“)، وأكمل السائق الروسي فلاديمير فاسيلييف (“بي أم دبليو – أكس رايد“) قائمة العشرة الأوائل.
كانت مُنافسات فئة الدرّاجات متقاربةً للغاية في النُسخة الـ 44 من رالي داكار، إذ إن الفارق بين الفائز ووصيفه 3:27 دقائق فقط الدرّاجين البريطاني سام ساندرلاند الفائز بالرالي ووصيفه التشيلي بابلو كوينتانِيّا. وهو الأقل بين الفائز ووصيفه منذ 1994، عندما أنهى الدرّاج الإيطالي إيدي أوريولي الرالي أولًا متقدِّمًا بـ 1:13 دقيقة على الدرّاج الإسباني خوردي أركارونس.
عاد البريطاني إلى سكة الانتصارات بعد سنواتٍ عجاف منذ 2017. حيث بأن نجم ساندرلاند يخبو. كان عليه الرضا بجوائز الترضية إذا لم ينسحب من الرالي، كان في البداية في ظل زميله المتألِّق الأُسترالي دانيال “تشاكي“ ساندرز، الذي كان نجم الأسبوع الأول، لكن حظوظ تشاكي نفد في الأسبوع الأخير وعاد إلى بلاده بسبب حادث تصادم سخيف في أثناء خروجه من مخيَّم المبيت في الرياض في الساعات الأولى.
وهكذا تولى زميله سام ساندرلاند صدارة الترتيب العام، التي دافع عنها لمدة أربعة أيام دون أن يفوز بأي مراحل خاصة. في غضون ذلك، شرع ثلاثة أبطال سابقين آخرين في مهمةٍ مستحيلة بعد فشلهم في المراحل الافتتاحية: لقد كان عام 2021 مرة أخرى للدرّاجين الأُسترالي توبي برايس والامريكي ريكي برابيك، وانضم إليهما البطل المدافع عن لقبه الأرجنتيني كيفن بينافيدس، هذه المرة. فقط النمساوي ماتياس والكنر، الفائز السابق، والفِرنسي أدريان فان بيفرين كانا قادرين على مضاهاة تأدية سندرلاند. سجّل ساندرلاند الفوز بالمرحلة الخاصة الثامنة. وأعاد استخدام خطته القديمة، التعامل بحذر مع المراحل المتبقية، ووضع خُطَّة للمرحلة العاشرة. تراجع ساندرلاند وماتياس بحيث يمكنهما مطاردة المتصدِّر الجديد للترتيب العام، أدريان، وانتهز بابلو الفرصة وأنهى الرالي ثانيًا، معادلًا نفس نتيجته في 2020.
كان للفرق المصنعية الجديدة “شيركو” و “هيرو” لحظات تألُّق، حضر الدرّاج الإسباني لورينزو “سانتو” سانتولينو وفريق “شيركو” في المراكز الخمسة الأولى طوال الأسبوع الأول تقريبًا، وكان من المتوقع أن يشاركوا في المنافسة على المراكز الأولى قبل أن تنقلب الطاولات. حقق فريق “هيرو” ودرّاجهم البُرتُغالي خواكيم رودريغز فوزهما الأول في المرحلة الخاصة الثالثة، وهو الفوز الذي أُهدي لروح الدرّاج البُرتُغالي الراحل باول غونسالفِس. فاز فريق “غازغاز” بلقب الرالي، متفوقًا على “هوندا“.
في فئة “رالي 2″ لسائقي الدراجات المُبتدئين وغير المحترفين، كان الدرّاج الأمريكي ماسون كلاين، البالغ من العمر 20 عامًا، متقدمًا على البقية، حيث أنهى الرالي متقدمًا على الدرّاج الفِرنسي كميل شابيلييه، وأنهى عدة مراحل ضمن المراكز الثلاثة الأولى، أنهى كميل الرالي في المركز الـ 19 في الترتيب العام، متقدِّمًا ثلاث مراكز عن العام الأول له، أنهى الدرّاج الفِرنسي رومان دومونتييه في المركز الـ 22، والثالث في فئة “رالي 2″.
في فئة “الأصلي من موتيول” للدرّاجين دون مساعدة، كانت منصة التتويج 2022 هي نفسها تقريبًا مثل العام الماضي. واحتفظ الدرّاج الليتواني آروناس غيلازنينكاس باللقب، وأنهى الدرّاج التشيلي ميلان إنجل الرلي في المركز الثاني والدرّاجي الفِرنسي بنيامين “بنجي” ميلو في المركز الثالث.
خرج الدرّاج الفِرنسي أليكساندر جيرو منتصرًا من حرب استنزاف كلاسيكية في داكار. تابع في بداية الرالي العروض المبهرة للدرّاجين الآخرين، كما تعلَّم منهم؛ الدرّاجين الليتواني لايسفيداس كانشيوس والروسي أليكساندر ماكسيموف، والأرجنتيني مانويل أندوخار – حامل لقب الفئة في 2021.
من ناحية أخرى، أدرك الدرّاج الأمريكي – الأرجنتيني بابلو كوبيتّي أن داكار رالي تحمّل، لذا بدأ بالضغط في الأسبوع الأخير للردّ على جيرو. لكنه تعرَّض لضربة قاضية إثر تعطُّل محرك درّاجته “ياماها” في المرحلة الخاصة العاشرة. وهكذا أصبح الطريق مفتوحًا أمام جيرو للفوز بلقب الفئة، جديرٌ بالذكر أنه ابن دانيال جيرو، أول درّاج “اكوادز” ينهي رالي داكار في عام 1997. سيطر جيرو الابن على الترتيب العام للفئة متقدِّمًا بفارق 2:21 ساعتين على أقرب مُنافسيه، الدرّاج الأرجنتيني فرانشيسكو مورينو.
وصل لوبيز إلى يوم الراحة متصدرًا الترتيب العام للفئة يليه زميله السويدي سيباستيان إريكسون بفارق 25 دقيقة بينهما، والأهم من ذلك، التقدُّم 2:23 ساعتان على كريستينا. لم يكن لدى تشاليكو أي حافز للمخاطرة بكل شيء من أجل الفوز بالمراحل الخاصة، على عكس سيث المفعم بالحيوية. لم يعد في دائرة المنافسة على اللقب بعد قضاء ليلة كاملة تقريبًا في المرحلة الخاصة الثانية، حقق الشاب البالغ من العمر 19 عامًا الذي لا يهزم قريبًا درجة عالية من الثبات. فاز بـ 12 مرحلةٍ خاصة من أصل 13 مرحلة، محققًا نجاحًا كبيرةًـ سيقارن مؤرخو رالي داكار وخبراء البيانات إنجازه بذلك الذي حققه السائق الفِرنسي بيار لارتيغ، الذي فاز بـ 11 مرحلة خاصة في نُسخة 1994 (الذي تضمَّن جميع فئات السيارات).
المصدر: موقع رالي داكار