خلال العقد الماضي، كان المراقبون والخبراء ينظرون إلى الهند باعتبارها سوقاً واعداً للسيارات من المتوقّع أن تحتل المركز الثالث في قائمة أكبر أسواق السيارات في العالم بحلول عام 2030، مع إمكانية إقصاء الصين بوصف الأخيرة أسرع أسواق السيارات نمواً في العالم، لاسيما في ظل اقتصاد يزدهر يوماً بعد يوم وهو ما ينعكس إيجابياً على تنامي الطبقة المتوسطة بالهند المتوقع لها أن تصل إلى 583 مليون شخصاً بحلول عام 2025.
يضاف الى ذلك التكاليف المتدنية لتصاميم وإنتاج السيارات، مما جعل الهند، في وقت من الأوقات، محط اهتمام العديد من الصانعين الأوروبيين والأسيويين، الذين تهافتوا على إنتاج سيارات رخيصة الكلفة صغيرة الحجم، خصوصاً بعدما أشعلت تاتا موتورز حدة التنافس بإطلاقها سيارة شعبية تعد الأرخص كلفة في العالم وهي “تاتا نانو” في العام 2008.
ولكن، يبدو أن هذه الصورة “الممتازة” لصناعة السيارات في الهند من المنتظر أن تتغير في الغد القريب بسبب تدهور المبيعات عام 2013. وتشير أصابع الاتهام في الوضع الاقتصادي الهندي الذي يشهد أبطأ معدل للنمو لأكثر من 10 أعوام، إلى ارتفاع أسعار الوقود وفرض الحكومة الهندية لضرائب مبيعية إضافية على العديد من فئات السيارات التي تسير على الطرقات الهندية.
وبسبب تردّي المبيعات، لجأت بعض شركات السيارات الكبيرة في الهند شأن ماروتي سوزوكي وتاتا موتورز إلى تعليق الإنتاج بصورة مؤقتة وتقديم عروض تحفيزية وتشجيعية لإغراء الزبائن على العودة مجددا لشراء السيارات. إذ أعلنت تاتا موتورز مثلا عزمها السماح لزبائن سيارتها رخيصة الكلفة “نانو” المحتملين بشراء أي موديل نانو باستخدام بطاقات الائتمان.
ويمكن القول إن التباطؤ الحاد في حجم الاستثمارات بالهند، أثّر بدرجة كبيرة على حجم الطلب على الشاحنات التي تستخدم في نقل البضائع والسلع؛ حيث تدهورت مبيعات الشاحنات التجارية. لكن في المقابل، شهد قطاع سيارات الـSUV انتعاشا ملحوظا، رغم الضرائب المفروضة على تلك السيارات بنسبة 3 بالمئة لمواجهة العجز في الميزانية، إذ وبحسب وزير المالية الهندي، فإن عروض الـSUV تشغل مكاناً وحيّزاً أكبر على الطرقات، لذا يجب أن يُفرض عليها ضرائب أكبر!
ويرجع السبب إلى إقبال الزبائن على شراء عروض الـ SUV إلى الطرقات السيئة غير المعبدة، لاسيما في مومباي، الأمر الذي يجعل من تلك العروض خياراً محبباً بفضل ارتفاع خلوصها الأرضي وقدرات تحديها للطرقات الوعرة أو حتى شديدة الوعورة. وبفضل اعتمادها على الديزل في تسييرها، فإن هذه العروض لا زالت تتمتع بتسهيلات كبيرة في نظام الضرائب الهندي، مما يعطيها ميزة إضافية مقارنة بتلك التي تسير بوقود البنزين.