December 21, 2025

هل تُشتّت الشاشات السائقين؟ ولماذا عودة الأزرار التقليدية أصبحت ضرورة

لطالما اعتُبرت الشاشات الكبيرة في السيارات رمزًا للتطوّر والتقنية الحديثة، لكن دراسة حديثة أعادت فتح ملف مهم: هل أصبحت هذه الشاشات مصدر خطر أثناء القيادة؟
النتائج جاءت صريحة — التفاعل مع الشاشات اللمسية أثناء القيادة يؤثر سلبًا على تركيز السائق ويزيد من زمن الاستجابة، خصوصًا عند تنفيذ مهام بسيطة مثل تعديل المكيّف أو تغيير الصوت.

ثمن الأناقة الرقمية داخل المقصورة

خلال السنوات الأخيرة، اندفعت شركات السيارات نحو تصميم مقصورات تعتمد بشكل شبه كامل على الشاشات اللمسية، مستبدلة الأزرار والمقابض التقليدية بواجهات رقمية. ورغم المظهر العصري، أظهرت الاختبارات أن هذا التوجه قد يكون على حساب السلامة.

الدراسات بيّنت أن السائقين عند استخدام الشاشات:

  • ينحرفون أكثر داخل المسار،

  • يحتاجون وقتًا أطول لتنفيذ الأوامر،

  • ويضطرون للنظر إلى الشاشة بدل الطريق بسبب غياب الإحساس اللمسي.

بعكس الأزرار التقليدية، لا تمنح الشاشات أي تغذية راجعة حسية، ما يعني أن السائق لا يستطيع الاعتماد على الذاكرة العضلية، بل يُجبر على تشتيت نظره.

عودة الأزرار: خطوة منطقية نحو السلامة

في تطوّر لافت، بدأت بعض العلامات الكبرى بإعادة النظر في هذا النهج.
Audi أعلنت رسميًا التخلّي عن الأزرار اللمسية على عجلة القيادة في عدة طرازات حديثة، والعودة إلى مفاتيح ومقابض فعلية يمكن استخدامها دون الحاجة للنظر.

هذه الخطوة لا تأتي من فراغ، بل هي استجابة مباشرة لملاحظات العملاء والدراسات التي أثبتت أن التحكم اللمسي يقلل من التركيز أثناء القيادة.

ولم تكن أودي وحدها في هذا التوجه، إذ لحقتها علامات أخرى مثل
Volkswagen وPorsche وHyundai، التي أعادت الأزرار للتحكم بالوظائف الأساسية مثل المكيّف والصوت، مع الإبقاء على الشاشات للأنظمة الثانوية.

لماذا لا تزال الأزرار مهمة؟

السبب بسيط: السلامة وسهولة الاستخدام.
الأزرار والمفاتيح تتيح للسائق التحكم دون رفع عينيه عن الطريق، اعتمادًا على الإحساس والذاكرة، وهو أمر حاسم عند القيادة بسرعات عالية أو في ظروف معقدة.

في المقابل، تتطلب الشاشات دقة بصرية ولمسية، ما يزيد الحمل الذهني ويقلل من الوعي بالمحيط.

التوازن بين الابتكار والوظيفة

هذا الجدل لا يعني نهاية الشاشات في السيارات، بل يسلّط الضوء على أهمية التوازن الذكي.
التقنية يجب أن تخدم السائق، لا أن تفرض عليه أنماط استخدام غير آمنة.

إعادة الأزرار لا تمثل رجوعًا إلى الوراء، بل تصحيح مسار في تصميم المقصورة، يضع الإنسان وسلوكه في صدارة القرار الهندسي.

هل نحن أمام حقبة جديدة في تصميم السيارات؟

مع تزايد الأدلة العلمية وتغيّر توجّه الشركات، يبدو أن عصر “الشاشة لكل شيء” يقترب من نهايته.
الرسالة أصبحت واضحة: التصميم الجيد هو الذي يجمع بين الحداثة وسلامة الاستخدام.

وقد تكون عودة الأزرار والمفاتيح المادية واحدة من أهم الخطوات لتحسين تجربة القيادة وتقليل التشتيت، في زمن أصبحت فيه السيارات أكثر ذكاءً… وأكثر حاجة لأن تبقى إنسانية.

أهم المقالات