يناير 01, 2023

قصة فيرّوتشيو لامبورجيني: الساحر الإيطالي الذي أعاد تحديد معالم صناعة السيارات

إعداد: وسيم السلطي

تبرز شركة لامبورجيني الإيطالية، المنضوية تحت مجموعة فولكس واجن الألمانية، كواحدة من أهم شركات صناعة السيارات الخارقة. وهي تأسست في عام 1963، على يد الإيطالي فيروتشيو لامبورجيني Ferruccio Lamborghini، المولود في أبريل 1916 في رينازّو الواقعة ضمن نطاق بلدية، تشينتو، في محافظة فيرّارا، في إيطاليا.

كان، فيروتشيو، الولد البكر لدى أنطونيو وإيفلينا لامبورغيني اللذين كانا يعملان كمزارعَين، لكن، فيرّوتشيو، لم يفضّل الزراعة، وإنما فضّل أن يقضي فترات بعد الظهر في الورشة التابعة للمزرعة. وبينما كان لا يزال صبياً صغيراً، تمكّن من الحصول على عمل لدى واحدة من أفضل الورش الميكانيكية في بولونيا، حيث استطاع استكشاف كل أسرار الآلات.

 فيرّوتشيو لامبورغيني

ومع بداية الحرب العالمية الثانية، تم تعيين فيرّوتشيو، الذي كان قد أصبح حينها ميكانيكياً ذا خبرة ومكانة عالية، ضمن الأسطول الآلي المتحرّك المختلط الخمسين ومقرّه في رودس اليونانية، حيث تولّى مسؤولية العناية والصيانة لكل المركبات العسكرية الموجودة على الجزيرة، بما فيها الشاحنات والتراكتورات المستخدَمة لقطر الطائرات والعاملة على وقود الديزل.

وبسبب التغيّرات الكثيرة التي تشهدها عادة الحروب، حظي فيرّوتشيو بفرصة التصليح الناجح (وأحياناً تعطيل كما يتذكّر لاحقاً) لمركبات مختلفة تابعة للإيطاليين والألمان والبريطانيين. وبعد نهاية الحرب مباشرة، قام بافتتاح شركته الأولى في رودس، وكانت عبارة عن ورشة صغيرة للتصليحات الميكانيكية.

رهان مزرعة العائلة

في 1946، عاد فيرّوتشيو إلى إيطاليا واستفاد من بعض الحوافز التي كانت متوافرة لدعم التعافي الاقتصادي، وقام بافتتاح ورشة ميكانيكية في تشينتو حيث عمل على تصليح المركبات الآلية وصناعة مركبات صغيرة للخدمات. وقام بتطوير فكرته الأساسية، ألا وهي صناعة تراكتورات زراعية غير مكلفة تكون في متناول مالكي الأراضي الصغار، وذلك باستخدام المكوّنات من المركبات العسكرية القديمة والأولى ضمن هذا المجال التي تم العمل على تحويلها كانت شاحنة من نوع ’موريس‘ (Morris)، حيث قام فيرّوتشيو، إلى جانب إجراء التعديلات الرئيسية عليها، بتجهيزها بمبخّر للوقود من ابتكاره الخاص.

وجرى عرض الآلة أمام أبناء بلدته بتاريخ 3 فبراير 1948 خلال احتفال خاص بقدّيس تشينتو، وباع حينها 11 آلة من هذا النوع. وأدّى هذا النجاح لأن يصبح فيرّوتشيو لامبورغيني رائد أعمال، وقد دخل في دين مصرفي لأجل شراء مجموعة من 1000 محرّك نوع ’موريس‘، حيث استخدم كضمانة كل ما كان يملكه، بما في ذلك مزرعة العائلة بموافقة والده.

ظهور شعار الثور الجامح

دفع النجاح المتزايد الذي جلب ثروة كبيرة، فيروتشيو، إلى شراء أسطول من السيارات الرياضية ومنها فيراري 250 Ferrari GT. كان ذلك الاستحواذ هو الذي ولد لديه، فكرة إنشاء شركة سيارات خاصة به، ففي رأيه وجد أن سيارة فيراري كانت صاخبة وخشنة للغاية بالنسبة لسيارات الطرق المناسبة، مما شبهها بسيارات المضمار المعاد توجيهها.

لامبورجيني جي تي 350

صمم لامبورجيني وصنع سيارته الأولى، طراز 350 جي تي في، في نحو أربعة أشهر، وفي التوقيت المناسب لكشف النقاب عنها في معرض تورينو للسيارات عام 1963. ثم صار هناك حاجة لإيجاد شعار مناسب لتمييز هذه السيارات. فحتى ذلك الوقت، كانت التراكتورات التي يصنعها تحت اسم لامبورغيني تحمل علامة بسيطة جداً فضّية اللون، وهي عبارة عن مثلّث مع الأحرف FLC التي ترمز إلى Ferruccio Lamborghini Cento.

فيرّوتشيو لامبورغيني

ومن بعدها، تواصل فيرّوتشيو مع مصمّم غرافيك محلّي معروف اسمه باولو رامبالدي الذي سأل عن الخصائص الشخصية التي يشعر فيرّوتشيو أنه يتمتّع بها، ليكون الجواب: “أنا صلب وقوي وعنيد مثل الثور”. وبالارتكاز على ذلك، إلى جانب الرمز الخاص ببرجه، ظهر شعار ’أوتوموبيلي لامبورغيني‘ الشهير والمعروف الآن في العالم بأسره.

إبداعات فيرّوتشيو المستمّرة

يبقى الابتكار والفضول التقني من أبرز المزايا التي كان يتمتّع بها فيرّوتشيو لامبورغيني والأشخاص المحيطين به، والذين كانوا من أفضل المهندسين في العالم. ضمن هذا السياق، تتميّز سيارة ’مييورا‘ للعام 1966 بكونها قد أعادت كتابة تاريخ قطاع السيارات الفاخرة عالية الأداء، حيث دفعت الصحفيين الذين قاموا بتجربتها إلى ابتداع كلمة جديدة لوصفها، ألا وهي ’السيارة الفائقة‘.

لامبورغيني ديابلو

أما ’كونتاك‘، التي تم ابتكارها كنموذج أوّلي سنة 1971، فكانت متطوّرة جداً لدرجة إنها بقيت سيارة عصرية في 1990، وتم بعد 17 سنة من إنتاجها وصنع طرازات العام 1999، استبدالها بسيارة ’ديابلو‘ (Diablo) التي أصبحت أول سيارة فائقة من ’لامبورغيني‘ متوفرة بنظام دفع بالعجلات الأربع.

 فيرّوتشيو لامبورغيني

بعد قيامه ببيع الشركة خلال الفترة بين 1973 و1974، ومع أزمة النفط، بعدما كانت قد أصبحت واحدة من أنجح شركات تصنيع السيارات وأكثرها تقديراً في العالم، تركها فيرّوتشيو لامبورغيني، الذي توفي في 20 نوفمبر 1993 مع رغبة بأن تمضي بعملية الابتكار المستمر وعدم المساومة أبداً على التقاليد المتوارَثة منذ البداية والتي لا تزال تميّز العلامة التجارية لليوم.

أهم المقالات