تجربة جاكوار اي-بيس تعني أن لحظة الحقيقة قد حانت، وأننا الآن أمام أول سيارة كروس أوفر كهربائية بالكامل من صانع متخصص بالسيارات، فهل هذه هي فعلا تقنية المستقبل؟ وهل مواصفات جاكوار اي-بيس ستضع المعايير فعلا في هذه الفئة؟
تجربة جاكوار اي-بيس هي نظرة إلى المستقبل. فمنذ سنوات، ونحن نسمع من صانعي السيارات أن المستقبل هو السيارات الكهربائية. أن المستقبل هو الكروس أوفر والدفع الرباعي، وأن المستقبل هو للسيارات الفاخرة ذات تقنيات الاتصال المتطورة. المستقبل هو الآن، والمستقبل هو جاكوار I-PACE.
كثيرا ما أفكر في المستقبل (يحصل هذا الأمر حين ترزق بأولاد!)، ولكني تحديدا أفكر بمستقبل السيارات. خلال عقد ونصف، ابني الصغير البالغ من العمر الآن ثلاث سنوات، سيجلس خلف مقود سيارة. ترى كيف ستكون تلك السيارة؟ لن تكون ذات علبة تروس يدوية حتما، وعلى الأغلب ستكون كهربائية. من المحتمل جدا أن تكون سيارة كروس أوفر ذات دفع رباعي (على الأقل من حيث الشكل). يبدو الأمر قريبا جدا من تجربة جاكوار اي-بيس الجديدة إذا.
لا تستهينوا بأهمية هذه السيارة. إذ أن مواصفات جاكوار اي-بيس تفتح عصرا جديدا في عالم السيارات. فهذه هي أول سيارة دفع رباعي مصممة حصريا كسيارة كهربائية، من قبل مصنع متخصص في عالم السيارات. نعم، أعرف أنكم ستشيرون إلى تسلا، ولكن الحقيقة هي أن تسلا شركة ناشئة، تأسست كشركة تكنولوجية. أما جاكوار، فلها تاريخ عريق في عالم السيارات، ولا شك في أن تجربة جاكوار اي-بيس هي أفضل فرصة لنرى كيف تقارن مخرجات شركات السيارات «الحقيقية» بسيارات مثل تسلا، وإن كانت خبراتها ستصنع الفارق.
في العادة لا أحب التحدث كثيرا عن تصاميم السيارات، فهذا أمر شخصي ولكل منا ذوق مختلف. ولكني هذه المرة سأقوم باستثناء، ليس بسبب تصميم السيارة وجماليتها، ولكن لارتباط هذا التصميم بشكل مباشر بتقنية السيارة الكهربائية، وتأثيرها عليه.
شكل السيارة مستقبلي بلا شك. تفاصيلها متقنة، وخطوطها مميزة. لا يمكنك بمجرد النظر إليها سوى أن تدرك أنها سيارة جاكوار، سواء في المقدمة مع فتحة الهواء التقليدية الشكل، أو في المؤخرة حيث الأضواء المستمدة من طراز F-TYPE الرياضي والتي باتت علامة مميزة لكافة سيارات جاكوار الحديثة.
ولكن تمعن أكثر، وستجد تفاصيل مختلفة. مواصفات جاكوار اي-بيس تتضمن طولا يبلغ 4.68 متر، بفارق مليمتر واحد عن بورشه ماكان. ولكن قاعدة عجلاتها تبلغ 2.99 متر، أي أطول بحوالي 20 سنتيمترا من البورشه، وأقصر بسنتيمتر واحد فقط عن المرسيدس الفئة S. السبب في ذلك يعود إلى كون السيارة تصنع على قاعدة مسطحة، هي عبارة عن مجموعة البطاريات التي تجلس في أسفل السيارة تحت المقصورة. على كل طرف منها محرك كهربائي، أحدهما يدفع المحور الأمامي والآخر يدفع المحور الخلفي. وطبعا بدون وجود التجهيزات الميكانيكية التقليدية مثل علبة التروس ومحاور نقل الحركة إلى الخلف ومواسير العادم وغيرها، يمكن دفع كلا المحركين إلى أبعد نقطة ممكنة في مقدمة السيارة ومؤخرتها. هذا الأمر يبدو جليا عند النظر إلى المساحة أمام المحور الأمامي، أو ما يعرف بالإنجليزية بالـ Overhang، والقصيرة جدا، حيث أن وجودها تتطلبه قوانين السلامة لوضع الصادم الأمامي وقطع الجسم لامتصاص الضربات.
وجود الأرضية المسطحة أيضا أعطى السيارة راحة أكثر. فليس هناك من داع لجسر وسطي بين المقاعد، والكونسول الوسطي موجود لتوفير مساحات التخزين العميقة، والأرضية في الخلف مسطحة تماما مما يعني أن بإمكان ثلاثة ركاب بالغين الجلوس براحة نسبية.
التصميم الخارجي نفسه جذاب. عند النظر إلى السيارة جانبيا، بإمكانك ببساطة أن تتخيلها وقد تم تخفيض ارتفاعها بعض الشيء، لتتحول إلى سيارة رياضية، وربما هذا الأمر جلي في السيارات التي ستبدأ المشاركة في بطولة خاصة بها ضمن سباقات الفورميولا-e حيث تنافس جاكوار عبر فريق رسمي في البطولة، بهدف تطوير قدرات الشركة الهندسية في مجال تصميم السيارات الكهربائية.
طبعا وجود البطاريات في هذا المستوى المنخفض، يعني مركز جاذبية منخفض للسيارة، مما ينعكس إيجابيا على أدائها وقدراتها الديناميكية. كذلك سمحت هذه الوضعية لجاكوار باعتماد نظام تعليق متطور، مع مثلثات مزدوجة في المقدمة، ونظام تعليق مدمج متعدد الوصلات في الخلف، لراحة أكبر وتماسك أفضل.
التصميم كذلك يستغل غياب محرك كبير في الأمام، فتحة التهوية التقليدية هنا لا داعي لها فعليا، ولكن مصمم جاكوار الشهير، أيان كاللوم، وضعها لسببين. أولا، تثبيت هوية السيارة، وثانيا استغلالها، كون فتحاتها تسمح بدخول الهواء حسب الحاجة للتبريد والمكيف، وتفتح أوتوماتيكيا حسب الحاجة، لدمجها في مجرى يشابه ما يعرف باسم الـ S-Duct، تماما مثل فيراري بيستا، لدفع الهواء فوق الغطاء الأمامي – والذي يخفي تحته مساحة تخزين إضافية – لتحسين انسيابية السيارة وثباتها الآيرودناميكي.
في الداخل، أصابتني خيبة الأمل بعض الشيء عند دخول السيارة. ليس الأمر أن التصميم في الداخل ليس جذابا، أو أن هناك ما يعيبه، ولكن بالنظر إلى هوية السيارة والتقنية التي تحويها، فقد كنت أنتظر بصراحة تصميما مستقبليا أكثر جرأة، أو على الأقل يشي أكثر بقدرات السيارة المستقبلية والإلكترونية المميزة.
عند إطلاق جاكوار اي-بيس، وكغيرها من سيارات مجموعة جاكوار لاند روفر، ستتوفر السيارة بفئة خاصة تحمل اسم (First Edition) أو النسخة الأولى. هذه النسخة هي التي قمنا بتجرتها، ولا يمكن بصراحة أن تنتقد تجهيزات السيارة في الداخل.
ربما التصميم لا يتمتع باللمسة المستقبلية، ولكن لا غبار على تجهيزات المقصورة الداخلية. من النظرة الأولى بإمكانك رؤية الشاشات الثلاث أمام السائق: واحدة تستبدل العدادات التقليدية، واثنتان في منتصف لوحة القيادة، للتحكم بنظام المعلومات والترفيه المعروف باسم Touch Pro Duo لدى الشركة.
إن كان هناك من أمر كنت سأود تغييره، فهو التطعيمات الخشبية التي تبدو غير متناسقة إطلاقا مع شخصية السيارة. هذه التطعيمات المتوفرة في «النسخة الأولى»، يتم استبدالها بأخرى بشكل ألياف الكربون في النسخ الأخرى، وبصراحة تبدو أفضل ألف مرة!
وضعية الجلوس مريحة جدا بفضل المساحات الكبيرة في الداخل، ومع فتحة السقف البانورامية العملاقة والمساحات الزجاجية الكبيرة، هناك شعور كبير بالرحابة والهدوء داخل المقصورة.
طبعا من حيث التجهيزات، نحن نتحدث عن سيارة فاخرة، فلا داعي لذكر أن مواصفات جاكوار اي-بيس تتضمن تجهيزات مميزة. إذ تضم نظام صوت جبار من صنع «ميريديان»، مقاعد مدفأة ومبردة، وصلات USB لمختلف الأجهزة ونقاط الشحن، إمكانية الاتصال بالإنترنت عبر نقطة Wi-Fi، وكافة التجهيزات الفاخرة الأخرى التي تتوقعها في سيارة جاكوار فاخرة.
إذا ما سنحت لك فرصةتجربة جاكوار اي-بيس فسيبدأ الأمر حين تشغل السيارة، إذ لن تدرك بأن الحياة دبت فيها ما لم تنظر إلى الشاشة أمامك. ليس هناك من مقبض لعلبة التروس، إذ ليس هناك من واحدة أصلا. بل هناك ثلاثة أزرار، تحمل الأحرف N, D وR. اضغط الحرف D واضغط دواسة الوقود، وستنطلق السيارة بهدوء.
هنا تقفز فجأة إلى المستقبل. بدون صوت عال، وبدون أي ضجة، تدب الروح في السيارة بمجرد الضغط على دواسة الوقود. كلنا نعرف أن المحركات الكهربائية تمتاز بعزم دورانها الكبير الذي يتوفر بشكل فوري، دون الحاجة لوقت للدوران. ولكن صدقوني، ما من شيء سيحضركم للمفاجأة التي تنتظركم عند الضغط لأول مرة على دواسة الوقود بقوة. أم علينا الآن تسميتها دواسة الكهرباء؟
مهما يكن الأمر، فدواسة التسارع هذه تقوم بعملها على أكمل وجه. مواصفات جاكوار اي-بيس تتضمن محركين كهربائيين تبلغ قوة كل منهما 200 حصان، لمجموع قوة يبلغ 400 حصان. لكن عزم الدوران البالغ 696 نيوتن متر هو الذي يسيطر على تجربة القيادة. التسارع سيفاجؤك، إذ تصل جاكوار اي-بيس إلى 100 كلم/س في 4.8 ثانية. لكن التسارع أثناء المسير، هو ما يميز السيارة. جاكوار لم تعلن عن أرقام الأداء، ولكني أعتقد بأن تسارع I-PACE من سرعة 60 كلم/س إلى 100 أو 160 كلم/س سيخجل الكثير من السيارات الرياضية. فمجرد الضغط على الدواسة تتحول قوة المحرك فورا إلى تسارع مدهش.
بعد زوال تلك الصدمة الأولى، تبدأ سريعا بالاعتياد على قيادة السيارة، وحتميا، إجراء المقارنة بين تجربة جاكوار اي-بيس والسيارات التقليدية العاملة بالبنزين، وتبدأ الفروقات بالظهور. أولا، الصوت. جاكوار عمدت على إيجاد نمط خاص للتحكم بالصوت داخل المقصورة. في الوضعية القياسية، لن تسمع أي صوت للمحرك. ولكن إذا ما اخترت الوضعية الديناميكية، واخترت نظام الصوت «الديناميكي»، فستجد نفسك فجأة تستمع إلى صوت فريد من نوعه. البعض من الزملاء شبهه بصوت مركبة فضاء من فيلم من أفلام الخيال العلمي. ولكني أعتقد أن صوته يبدو وكأنه صوت «السوبرتشارجر» من محرك جاكوار، ولكن بدون المحرك!
الفكرة تبدو غريبة: الاستماع لصوت اصطناعي. ولكن بصراحة اخترت هذا النمط بشكل دائم، طالما قدت السيارة بشكل سريع. فعقلي التقليدي لا يتقبل السرعة «الديجيتال» بدون الصوت! ولكن عند القيادة بهدوء، لا شك في أن غياب الصوت يساوي غياب الإزعاج.
الأمر الثاني هو المكابح. من قاد سيارة تسلا سيعرف أن الإحساس في دواسة المكابح يكاد يشابه الضغط على لوح خشبي. جاكوار ركزت بشكل كبير على هذه الناحية على ما يبدو، ولكنها عمدت لاستغلال التقنيات الحديثة فيها بشكل فريد. فبإمكان السائق أن يختار نسبة «استرجاع الطاقة» التي تقوم بها المكابح، أي عملية تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية تعيد شحن بطاريات السيارة مرة أخرى. إذ يمكن اختيار الوضع العادي، وعندها لن تشعر بأي فارق عن أي سيارة أخرى. أما إن اخترت وضعية الشحن الأكثر فعالية، فستفاجأ مرة أخرى عند رفع قدمك عن دواسة البنزين. إذ أن الشعور يماثل الضغط المتوسط على المكابح، إلى درجة أن بإمكان السائق أن يقود السيارة باستخدام دواسة التسارع فقط. فقوة الكبح – تلك التي تولد بمجرد رفع القدم عن الدواسة اليمنى – تقريبا كافية للاستغناء تماما عن دواسة المكابح، على الأقل على السرعات الدنيا.
تجربة جاكوار اي-بيس كانت في البرتغال، على الطرق العامة، وعلى طرق غير معبدة، وحتى على الحلبة. أمر عادي في أي تجربة قيادة، ولكننا هنا نتكلم عن فئة جديدة من السيارات، ومثل هذه التجربة كانت مسرحا مثاليا لاكتشاف قدرات السيارة الحقيقية.
على الطريق، تجربة جاكوار اي-بيس لا تشابه تجربة قيادة أي سيارة كروس أوفر رباعية. بل هي أشبه ما يكون بقيادة سيارة رياضية. من المفترض أن تعكس طريقة القيادة اليومية لمن يقتني سيارة كهذه، ولكني سأكون كاذبا لو قلت أنني قد قدت السيارة بتعقل. فعلى مقطع من الطريق، متعرج بين الجبال، وجدت نفسي خلف سيارتين أخريين، يقود إحداهما أحد الزملاء الصحفيين، والأخرى أحد مسؤولي جاكوار. ما جرى بعد ذلك كان أشبه بمطاردة من الأفلام، أو ربما مرحلة سرعة خاصة في أحد الراليات. فقد أطلقت العنان للسيارة بشكل كامل، واختبرت أداء لم يكن متوقعا.
تماسك السيارة رهيب. في المنعطفات، تقوم المحركات بتوزيع العزم على الإطارات بحسب تماسكها، وبالتالي من شبه المستحيل التغلب على تماسك الإطارات. التسارع رائع، والتجاوب الفوري للمحركات الكهربائية يشجعك على ركوب موجة العزم التي تشابه التسونامي في قوتها، بدون أي حاجة للتعامل مع أي أمر آخر.
هل افتقدت لصوت المحرك التقليدي؟ نعم، ولكن ليس بالصورة التي كنت أعتقدها. ما افتقدته أكثر كان تغيير النسب.جاكوار اي-بيس كغيرها من السيارات الكهربائية لا تنقل القوة عبر علبة تروس، وبالتالي فليس هناك سوى دواسة التسارع للتحكم بالسيارة.
محطتنا التالية كانت حلبة «بورتيماو» الشهيرة، إحدى أروع – وأصعب – الحلبات في العالم. للتعرف على الطريق وأماكن الكبح، قمنا بعدة دورات على متن جاكوار F-TYPE الرياضية، ومن ثم كانت تجربة جاكوار اي-بيس على الحلبة. بإمكاني بكل صراحة أن أقول بأن سيارة جاكوار الكهربائية أسهل، وربما أسرع، من شقيقتها الرياضية. فبينما يتطلب الأمر تركيزا عاليا لاستخراج الأداء الأمثل من السيارة الرياضية، في جاكوار اي-بيس كل ما عليك فعله هو توجيه السيارة، التسارع والكبح. ليس هناك من قلق حول انزلاق المؤخرة، أو انزلاق العجلات الأمامية، أو حتى اختيار النسبة المثالية. الأمر يشبه سيارات الكارت، ولكن براحة وسهولة أكبر.
طبعا نظام التعليق يلعب دوره هنا، وبإمكانك أن تشعر فعلا بأن جاكوار، وعلى الرغم من أن جاكوار اي-بيس سيارة كهربائية في فئة الكروس أوفر ذات الدفع الرباعي، إلا أن الشركة ركزت على أن تكون تجربة جاكوار اي-بيس مماثلة لشقيقاتها في مجموعة جاكوار من حيث متعة القيادة. بل بإمكانك أن ترى هذا التركيز ليس فقط في وجود النمط الديناميكي للقيادة، ولكن حتى في إمكانية تحويل الشاشات لتوفير قراءات مثل التسارع وزمن الدوران وقوة الجاذبية (G-Force) تماما كما هو الحال في السيارات الرياضية المميزة.
من هناك، كانت المرحلة التالية اختبار السيارة على مسارات حصوية غير معبدة. مواصفات جاكوار اي-بيس ليست سيارة دفع رباعي بالمعنى التقليدي، ولكنها مزودة بنظام تعليق، ونمط قيادة، يسمحان لها بالسير على الطرق غير المعبدة. مرة أخرى، عزم الدوران الرهيب الفوري يؤتي أكله هنا، مع تجاوب فوري، انزلاق محدود جدا للعجلات، وسهولة في القيادة على طرق صعبة فعلا، بل وحتى داخل المياه.
على الطرق الترابية هذه، استعدت ذكرياتي وكانت تجربة جاكوار اي-بيس أشبه بقيادة سيارة رالي. كبح متأخر، وضغط على دواسة التسارع بشكل مبكر لدفع المؤخرة في المنعطفات، وتلاعب في الوزن عبر أرجحة السيارة قبل الدخول في المنعطفات. لا يمكنني أن أطلب من سيارة في هذه الفئة أكثر مما توفره السيارة من أداء وتماسك، ربما باستثناء تزويدها بمكبح يد للمنعطفات الضيقة!
هذه المميزات المتعددة والقدرات المتنوعة هي ما يجعل مواصفات جاكوار اي-بيس تشكل ظاهرة جديدة في عالم السيارات. ولكن ككل السيارات الكهربائية الأخرى، هناك التساؤل الدائم: كم المسافة التي يمكن قطعها بالاعتماد على البطاريات، وكم يتطلب شحنها؟
بالاعتماد على شاحن المنزل، يتطلب شحن البطارية الخالية تماما أقل بقليل من 13 ساعة، فيما تكفي عشر ساعات لشحن البطارية بنسبة 80 في المئة. أما عند استخدام الشاحن بقوة 100 كيلوواط، وهو ربما ما سيلجأ إليه من يشتري سيارة في هذه الفئة، فتحتاج السيارة إلى أقل من ساعة، وتحديدا خمسين دقيقة، لشحنها بشكل كامل، وهذا الشحن الكهربائي يعطيها مجال سير يبلغ حوالي 480 كيلومتر، وهو مدى أكثر من كاف للاستخدام اليومي لأي كان كما اكتشف خلال تجربة جاكوار اي-بيس.
ولكن لأن هذه السيارة هي المستقبل، فالتعامل مع شحن السيارة ليس بهذه البساطة ولم تتركه جاكوار للصدفة. فنظام الملاحة في السيارة يتمتع بذكاء اصطناعي. فهو يتعلم أسلوب قيادتك، وبإمكان النظام أن يقرأ التضاريس ويتعرف إلى وجهاتك الدائمة، ومن ثم يعطيك المدى المتوقع فعلا، ومتى ستحتاج لشحن السيارة، وبالتالي لا خوف من أن تجد نفسك واقفا دون كهرباء في البطاريات.
قبل تجربة جاكوار اي-بيس الكهربائية الجديدة، كنت من ضمن المشككين في مدى صلاحية هذه التكنولوجيا عند التطبيق العملي. قدت من قبل سيارات كهربائية، ولكن هذه كانت أول مرة أقود فيها سيارة كهربائية، كما لو كانت سيارة عادية، على مدى يومين كاملين، وفي ظروف لن يختبرها أحد على أرض الواقع. فمن سيفكر في أخذ سيارة كهذه إلى حلبة سباقات مثلا؟
ولكن هذا تماما ما فعلناه. قدت السيارة بسرعة كما لو كانت سيارة رياضية صغيرة على الطريق، كما لو كانت سيارة رالي على المسارات الترابية، وكما لو كانت سيارة رياضية حقيقية على الحلبة. قدتها دون أي اعتبار لشحن البطارية، ولم تخذلني للحظة.
كنت دوما أتخوف من مستقبل متعة القيادة، وأن هذا الأمر سيختفي ولن تعرفه الأجيال القادمة. بعد تجربة جاكوار اي-بيس بإمكاني أن أقول بكل ثقة، أن متعة القيادة لن تختفي بهذه السهولة، وأنه طالما هناك شركات تفكر مثل جاكوار، بأن السائق سيبقى دوما يبحث عن المتعة خلف المقود، فلا يهم كثيرا نوع المحرك.
نعم، أتمنى أن يحصل ابني على فرصة قيادة سيارة رياضية، بمحرك ذي صوت رائع وربما علبة تروس يدوية، ولكني أشك في أن تظل مثل هذه السيارات قيد الإنتاج التجاري خلال عقد أو عقدين. ولكن على الأقل، سيجد أن هناك من يؤمن بأن متعة القيادة لا يمكن اختصارها في نوع المحرك أو الوقود، بل هي تجربة القيادة نفسها التي تظل في الذاكرة.
السيارات الكهربائية هي المستقبل كما يقال لنا، وإن كانت جاكوار اي-بيس مثالا لما ينتظرنا، فأهلا بالمستقبل.