ليس سرا القول إن صناعة السيارات الأوروبية تشهد تدهوراً كبيراً ومتواصلاً على صعيد المبيعات، أمر لم يحدث بهذا الشكل على مدار العقدين الأخيرين.
والسبب أيضاً لا يخفى على أحد، أبرزه التدني الكبير في الطلب على السيارات الجديدة في دول منطقة اليورو ذات الاقتصاديات الضخمة، ما أدى إلى انخفاض نسب تسجيل السيارات الجديدة، كما أن العديد من المراقبين والخبراء يتوقعون استمرار تدني الطلب على السيارات حتى بعد تعافي الاقتصاد الأوروبي، وهو ما يعني التهديد المباشر لنحو 2 مليون عامل في هذا القطاع بدول الاتحاد الأوروبي.
وشأنها شأن الصانعين الأوروبيين الآخرين، تدهورت مبيعات بيجو في السنوات القليلة الماضية، حتى إنها تقلصت في عام 2013 بنسبة 2.4 بالمئة لتصل إلى 54.1 مليار يورو، ما حدا بالصانع الفرنسي للبحث عن بدائل للسيولة المالية الآخذة في التناقص يوماً بعد يوم، من خلال التأكيد مؤخراً على الموافقة على إتمام صفقة بينه وبين شركة دونغفينغ موتور غروب الصينية والحكومة الفرنسية، على أن يدفع كل منهما 800 مليون يورو (1.09 مليار دولار أميركي) لشراء 14 بالمئة من أسهم بيجو، كما ستأتي معظم الأموال اللازمة أيضاً من 1.4 مليار يورو (1.92 مليار دولار) تتعلق بحقوق الملكية والتي من الممكن أن يشترك فيها السوق وأصحاب الأسهم.
تمثل هذه الخطوة أملاً كبيراً وضوءً خافتاً في نهاية النفق المظلم؛ حيث لن تقوم فحسب بضخ أموال إضافية بالمجموعة الفرنسية المتأزمة، وإنما تتعدى ذلك لتحسين المبيعات خارج أوروبا، لاسيما في آسيا.
وجاء التأكيد على إتمام هذه الصفقة مؤخراً، عندما أعلنت بيجو عن خسائر صافية لعام 2013 قُدرت بـ 2.3 مليار يورو، أي أقل من نصف حجم الخسائر الصافية لعام 2012 والتي قُدرت وقتذاك بـ 5 مليارات يورو.
ومن المنتظر أن تتضاءل حصة عائلة بيجو التي تقدر بـ 25.4 بالمئة أي 38 بالمئة من حقوق التصويت لتتعادل مع حصة دونغفينغ والحكومة الفرنسية، ما يعني انحسار تحكم عائلة بيجو في الصانع الفرنسي، وعدم قدرة طرف وحيد يملك حصة الأغلبية على الاعتراض على قرارات الشركة.
ومن تداعيات هذه الصفقة أيضاً على عائلة بيجو، أنها ستفقد مقعدين في مجلس إدارة الشركة ليقتصر مجموع ما تملكه من مقاعد على اثنين فقط، فضلاً عن تخلي “تييري بيجو” عن منصبه بوصفه رئيس مجلس إدارة الشركة. وفي المقابل، ستحظى كل من شركة دونغفينغ والحكومة الفرنسية بمقعدين لكل منهما بمجلس الإدارة.
ومن جهة أخرى، رأى بعض المراقبين أن انضمام الحكومة الفرنسية للصفقة سيجعل عمليات إعادة الهيكلة أكثر صعوبة، رغم أن الأغلبية مدحت فكرة تقوية العلاقات الصناعية والاقتصادية مع شركة دونغفينغ الصينية لإنتاج مزيد من السيارات بمنطقة جنوب شرق آسيا.
ويمكنكم متابعة مزيد من التفاصيل في مجلة “عالم السيارات” الموجودة في الأسواق.