يوليو 29, 2020

هكذا بدأت رحلة الحج بالسيارات قديماً

في حقبة الخمسينات والستينات الميلادية اتسع استخدام السيارات في المملكة، واشتهرت في ذلك الوقت موديلات 1948، 1951، 1966 لعدد من الماركات المشهورة آنذاك، وكان لها نصيب وافر في نقل الحجاج.

ووثقت الروايات لعدد من كبار السن قصة “رحلة الحج”، عبر هذه المركبات التي خلت كنتيجة لبداية تصنيعها عالمياً من وسائل الراحة أو السرعات العالية، إلا أن قوة الأداء ومتانة هيكلها، أهّلَها لأن تكون صامدة في حمل الأوزان، وقطع المسافات وتحمل وعورة الطرق آنذاك.

وأحدثت السيارات منعطفا في عالم المواصلات خاصة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج وغيرها من الأقطار، فمن رحلة السير على الأقدام والأبل، إلى وسيلة عُدت حينذاك متطورة، اختصرت بعضاً من الوقت، وفيما بعد انتشرت وكثر استخدامها ووضعت لها القوانين.

“الرحلة بالسيارات القديمة ” أشبه ما تكون بالرواية في فصولها. تبدأ بالاستعداد والتجهيز من قبل سائق السيارة، فبخبرته الميكانيكية وهي ميزة اقترنت بالسائقين قديماً، يباشر فحص السيارة وعمل الإصلاحات اللازمة.

وما أن يحل موعد السفر، يجتمع الحجاج مصطحبين أمتعتهم وعادة تكون شاملة للوازم وأدوات المعيشة، حينها يبدأ الجميع وبتوجيه من السائق ومعاونه بتحميل الأمتعة التي توضع في سلة علوية، أو في صندوق السيارة حسب نوعها، بينما يتوزع الركاب بشكل يحافظ على خصوصية المرافقين بالحملة وخاصة كبار السن والنساء.

“توكلنا على الله” دعوة ألفتها الألسن لحظة الانطلاق، حينها يدير “السائق” مفتاح التشغيل فيعلو صوت هدير المحرك، لتنطلق المركبة متوجهة نحو مكة المكرمة، رحلة تستغرق عدة أيام يقطع الركب خلالها كثبان الرمال، نزولاً بقيعان الوديان، وصعوداً لقمم التلال والجبال، الجميع هنا يد واحدة فما أن يحل بالسيارة عطل أو تعثر جراء طبيعة الأرض يهب المسافرون في تقديم العون والمساعدة.

الرحلة وإن طال أمدها -وفقاً لمعطيات وسائل العصر الحديث- ووعثاؤها تتسم بكون الجميع أسرة واحدة، في حلهم وترحالهم، فعندما يحين وقت الطعام وهو ما يتكفل بتأمينه السائق عادة، يقوم الطباخ بإعداده في مقابل إعفائه من رسوم تكلفة الرحلة، وهذا عُرف درج عليه أصحاب السيارات إلى جانب توفير القهوة والشاي.

مشقة السفر وما يتخللها من مواقف وصعوبات، تبدأ بالانجلاء لحظة الوصول إلى الميقات عندما يتوقف الركاب للإحرام وعقد النية، ويؤمّن السائق الماء في أوعية ذات حجم كبير”براميل” ليستفيد منها المسافرون عند الاغتسال والوضوء وعلى امتداد طريق السفر في الشرب وإعداد الوجبات .

ولا يفوق الوصف إلا تباشير دنو زمن الرحلة من الانتهاء، فما أن تشاهد منارات المسجد الحرام وتقترب المسافة، الكل يكبر ويهلل ابتهاجاً بالوصول إلى نقطة المقصد، شوقاً لإتمام الركن الخامس الذي بقضائه تنطوي صفحة من العناء.

المصدر: واس

أهم المقالات