كان فجر جيب بمثابة ولادة رمز أمريكي جديد، كان له تأثير هائل في صناعة السيارات في العالم.
ففي الثلاثينيات من القرن الماضي، كان العالم يتطلع بالكاد إلى توفير وسيلة للتنقل من مكان لآخر، ولم يكن هناك مجالا لمراعاة الفخامة أوالراحة في أي من السيارات التي يمكن تصنيعها، على عكس الصناعة اليوم التي باتت تشهد شكلا من أشكال الفن الذي يجمع بين أناقة التصميم ومتعة القيادة وقوة الأداء والسرعة في آن واحد.
وفي الأربعينيات، تغيّرت الأمور بشكل كبير عندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية، وبدأت حكومتها في تجميد بيع السيارات الاستهلاكية، وأصبحت الشركات التي تصنّع السيارات الفاخرة اليوم، تصنع الشاحنات والطائرات والمعدات الحربية، التي كان الجيش الأميركي بحاجة لها، ومنها طرازات خفيفة وصغيرة من مركبات الاستطلاع.
فقبل عامين من دخول الولايات المتحدة تلك الحرب، طلبت الحكومة نموذجا أوليا لمركبة استطلاع عسكرية، فتقدمت شركة بانتام كار، ويلز أوفرلاند، وفورد موتورز بتصميماتهم الخاصة بسيارة جيب.
كانت القوة القصوى لمحرك ويلز ذو الأربع أسطوانات بقوة 60 حصان، مما جعل عقد الإنتاج الأول يذهب إلى شركة ويلز أوفرلاند.
صُنعت الجيب ذات الدفع الرباعي 4 × 4 منقطعة النظير وخفيفة الوزن ومباشرة، لتكون مثالية للاستخدام العسكري في ذلك الوقت، فيمكنها أن تتغلب على أي عقبات تتعرض لها، وقد تضمنت ابتكارات لم يسبق لها مثيل من قبل.
أطلق الرئيس أيزنهاور على جيب أنها: “واحدة من ثلاثة أسلحة حاسمة كانت لدى الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية، للتحول بعد ذلك إلى رمز للتنوع والمتانة بسرعة كبيرة في العالم، حيث سهّلت بساطة جيب العمل بها وعززت عمليتها، فكانت آلة لم يسبق لها مثيل”.
فمن اللافت أنه مع تعديلات طفيفة، يمكن تحويل الجيب إلى سيارة إسعاف، أو جرار، وباستخدام النوع المناسب من العجلات، يمكن أن تسير على خطوط السكك الحديدية، كما يمكن تزويدها بمدافع رشاشة لاستخدامها في المعارك.
بانتهاء الحرب عام 1945، أعطت الحكومة الضوء الأخضر للإنتاج التجاري للسيارات الجيب، ومثل جميع شركات تصنيع السيارات في ذلك الوقت، توصل المسؤولون التنفيذيون لشركة ويليز إلى تصميم لبناء نموذجهم المدني لعام 1946.
ومع ذلك، لم يبتعدوا كثيرا عن تصميم جيب العملي فمع تعدد استخداماتها التي لم تقتصر على ساحة المعركة، سعت ويليز لتلبية إحتياجات العملاء فهناك ملايين المزارعين في جميع أنحاء الولايات المتحدة يمكنهم استخدام مثل هذه القوة العاملة القوية.
وطرحت الشركة طراز سي جيه، وتضمن كل ما كان يمكن القيام به من مهام مع الجيش وأكثر من ذلك.
حيث شملت هذه الطرازات المدنية تعديلات عدة بما في ذلك المقاعد المحسنة والمصابيح الأمامية، والآن تم تزويد الجيب بباب خلفي، من بين أشياء أخرى.
شهد عام 1946 أيضا تقديم أول عربة ستايشن واغن أمريكية من الصلب بالكامل، طراز 463 جيب، أو المعروفة باسم ويليز ستيشن واجن.
و بعد فترة وجيزة، تم طرح سيارة جيب بيك أب عام 1947 في الأسواق، ليتزايد دورها و تأثيرها في الصناعات الزراعية.
نادراً ما كان هيكل ملكية جيب مستقراً طوال تاريخها الحافل بالأحداث، هناك الكثير مما يمكن قوله عن الشركات المحيطة بقسم جيب وشؤونها المالية، لدرجة أنه قد يبدو الأمر معقدًا للغاية. كما كانت جزءاً من كرايسلر منذ عام 1987.
فمنذ نحو ثمانين عاما، بدأت جيب في تغيير حقيقي لمفهوم صناعة السيارات الجيدة بشكل جذري، وجلبت بدورها اتجاهاً عملياً لم يسبق له مثيل في سوق السيارات في ذلك الوقت.
مصدر الصور: Pinterest.