تجربة شفروليه كورفيت ZR1 الجديدة: وحش شفروليه المرعب، بقوة مذهلة وأداء رياضي لا يشق له غبار يرفعها إلى أعلى مستويات السيارات السوبر رياضية
تجربة شفروليه كورفيت ZR1 ليست مجرد تجربة سيارة عادية. إنها وحش بمعنى الكلمة. يمكنني أن أتحدث لساعات عن التحكم والثبات والتماسك، وقوة المكابح وقوة ضغط الهواء إلى الأسفل ودقة المقود وغيرها من مواصفات السيارة (وسأفعل ذلك كثيرا في الأيام المقبلة كلما سألني أحد عن السيارات الرياضية!)، وولكن حتى أختصر لكم الموضوع بسرعة، شفروليه كورفيت ZR1 هي عبارة عن وحش بمعنى الكلمة.
المشكلة أنني لم أتخيل ذلك إطلاقا. نعم، نظرة واحدة إلى صفحة المواصفات في الوثائق الرسمية التي توفرها شفروليه للسيارة كفيلة بأن تدرك بأنك أمام سيارة رياضية مميزة. ولكن مهما قرأت وتخيلت، فما من شيء سيحضرك لتجربة التسارع المذهلة في كورفيت ZR1 الجديدة، لأنها ببساطة أمر لن تختبره سوى في السيارات الرياضية الخارقة ذات الأسعار الفلكية.
هناك الكثير من المواصفات لتطلع عليها: المكابح الخارقة بحجمها الكبير، إطارات ميشلان “كاب 2″ الرياضية، نظام تعليق رياضي، قوة ضغط هواء توازي نصف وزن سيارة صغيرة، وكمية من ألياف الكربون تراها أينما نظرت في السيارة. ولكن المحرك هو الذي يسيطر على هذه السيارة. هو الذي يستحوذ على تجربة شفروليه كورفيت ZR1 وهو الذي يسرق الأضواء من كل ما عداه من التجهيزات.
إنه محرك V8، كما يجب أن تكون محركات كورفيت. لا يزال يعمل بتقنية الـ Pushrod الكلاسيكية، مع صمامين فقط لكل اسطوانة. سعته تبلغ 6.2 ليتر، ولكنه مزود بسوبر تشارجر بإمكانه أن يسحب كمية مهولة من الهواء ويضغطها داخل الاسطوانات لتولد قوة مرعبة تبلغ 755 حصانا، مع 969 نيوتن متر. سوبر كار؟ بكل تأكيد!
وأنا الآن خلف المقود، أتحضر لبدء تجربة شفروليه كورفيت ZR1 على حلبة “رود أطلنطا” في الولايات المتحدة. حلبة متطلبة، لم أقد عليها من قبل. والسيارة معي مزودة بعلبة التروس اليدوية (نعم… تخيلوا ذلك. هناك سيارات رياضية لا تزال تتوفر بعلبة تروس يدوية!). فجأة أشعر بالقلق.
في الحقيقة، الانطلاق بالسيارة سهل. ربما تكون سيارة سوبر رياضية، ولكن عند الانطلاق بها تبدو وكأنها مجرد سيارة عادية. دواسة “الكلتش” خفيفة الحركة، علبة التروس سلسة، وهناك ما يكفي من عزم الدوران ومجال الحركة لدواسة الوقود للانطلاق بالسيارة بكل سهولة. اضغط أكثر على الدواسة اليمنى تدريجيا، وتشعر بالقوة وهي تدفع السيارة إلى الأمام. فجأة نحن على الحلبة، الطريق خال، وحان الوقت لاختبار التسارع والقوة الكاملة في كورفيت ZR1.
يا إلهي! التسارع من عالم آخر. بين يدي سائق محترف، تصل كورفيت ZR1 إلى سرعة 100 كلم/س في 2.8 ثانية، وتقطع مسافة 400 متر في 10.1 ثانية، بسرعة 215 كلم/س، في طريقها إلى سرعة قصوى تبلغ 344 كلم/س. وحين تصل إلى تلك السرعة الجنونية، وترغب في التوقف، سيتطلب الأمر 8.17 ثانية فقط للتوقف بشكل كامل، بفضل مكابح عملاقة من خليط ألياف الكربون والسيراميك، يبلغ قطرها… 15.5 إنش!
بين يدي صحفي متخصص بالسيارات، تتحول تجربة شفروليه كورفيت ZR1 إلى واحدة من أروع تجارب القيادة على الإطلاق. بكل صراحة، لم أتوقع أبدا أن سيارة تصنف دائما على أنها سيارة كلاسيكية من حيث تجهيزاتها الميكانيكية يمكن أن تكون بهذه الروعة.
التسارع مذهل حقا. المحرك ربما لا يدور إلى مستويات عالية جدا، إذ أن خطه الأحمر يبدأ في حدود 6500 دورة في الدقيقة، ولكنه يبدو وكأنه لا يبالي بهذا. المحرك عملاق بمعنى الكلمة، بحجمه الكبير (بإمكانك أن ترى ذلك في غطاء المحرك الناتئ) وبأدائه المذهل. على أي مستوى دوران، اضغط الدواسة اليمنى، وتأهب لترى العالم بمنظور جديد. فالسيارة تلتهم الإسفلت تحتها، والمنعطفات تصل إليك بسرعة لم تتخيلها. وفي كل منها تعتقد بأنك تسير بسرعة أكبر من اللازم، لتكتشف أنك ضغطت المكابح أبكر بكثير من اللازم.
ولكن هذه ليست سيارة بإمكانك بسرعة أن تشعر بالثقة خلف مقودها. كلا. حتى مهندسو شفروليه يقولون بإن الإبقاء على نظام التحكم بالتماسك في الوضعية الرياضية هو الطريقة الأفضل لتسجيل أسرع الأوقات. فهذه سيارة تتطلب منك أن تظهر لها ولقوتها الاحترام اللازم. اضغط مبكرا على دواسة الوقود، ولو بشكل طفيف، وستشعر بالمؤخرة وهي تتأهب للحركة. وستشعر أيضا بمؤخرتك وهي تنقبض! إذ أن السرعات التي تسير بها هذه السيارة لن تشعرك بالارتياح أبدا إذا ما أحسست بأن العجلات على وشك فقدان التماسك.
من حسن الحظ أن هذا الأمر لا يحدث كثيرا. فنظام التعليق في السيارة متطور جدا، وقادر على توفير التماسك المطلوب بالتعاون مع الإطارات الرياضية ذات التماسك العالي. ليس بإمكاني أن أتحدث عن عمر الإطارات الافتراضي، ولكن لا أعتقد أنها ستصمد كثيرا إن قررت القيام بلفات سريعة بشكل متكرر على الحلبة.
ثم هناك أيضا علبة التروس. أنا من عشاق قيادة السيارات من الجيل القديم، بمعنى أنني أفضل دوما قيادة السيارة بعلبة التروس اليدوية إن توفر لي الخيار، على الأقل على الحلبة أو على الطرق الخالية، حيث يمكنك فعلا الاستمتاع بقيادة السيارة والتفاعل معها بشكل كامل من خلال سيطرتك على تغيير النسب.
ولكن على الحلبة، يصبح الأمر أحيانا متطلبا بعض الشيء. فبين التركيز على إبقاء السيارة على المسار، وتوجيه المقود، والسيطرة على المؤخرة، تجد نفسك أحيانا تفضل التخفيف من السرعة تدريجيا عوض القيام بتغيير النسب بسرعة صعودا ونزولا قبل منعطف ما، ببساطة لتستطيع الإبقاء على يديك الاثنتين على المقود. نعم، لهذه الدرجة متوحشة هي هذه الكورفيت. إنها ليست كأي سيارة أخرى.
ولكن حين تقوم بتغيير النسب يدويا، على الأقل بإمكانك أن تستمتع بذلك. فحركة المقبض سلسة، وهناك خاصية موائمة مستوى دوران المحرك عند التغيير نزولا، مما يشعرك بأنك “بطل” حقيقي في القيادة، أو على الأقل هذا ما سيعتقده من يسمع صوت العادم من الخارج، وسيسمعه بكل تأكيد.
العادم هو بذاته فصل آخر في هذه السيارة. حرارته تصل إلى عدة مئات من الدرجات المؤية، والسيارة تنفث اللهب حرفيا عبر مخارجه الأربعة. كلا، لا يقتصر الأمر على تغيير النسب نزولا، أو صعودا عند الخط الأحمر للمحرك. بل زمجرة المحرك يصاحبها لهب أزرق بشكل دائم. إنه مجرد لمسة إضافية تضيف على تجربة كورفيت ZR1 بعدا آخر من المتعة، على الأقل لمن يسير خلفها.
علبة التروس الأوتوماتيكية أسهل للقيادة، وأسرع على الحلبة. ولكن بكل صراحة، هي ليست بجودة علب التروس ذات الكلتشين التي تجدها في سيارات بورشه مثلا. فلا تشعر بها وكأنها متفاعلة معك، بل وكأنها ترغب في تغيير النسب، أو عدم تغييرها، بناء على رأيها الخاص. قد لا تشعر بذلك خلال القيادة اليومية. ولكن على الحلبة، ومع أنها أسرع، إلا أنني أفضل الغيارات اليدوية.
على الطريق، في وضعية القيادة الطبيعية، ستقسم أن هذه السيارة ليست سوى كورفيت عادية. إنها صالحة بكل تأكيد للاستخدام اليومي. لم أفكر حتى بالضغط على السيارة على الطريق، فبعد أن يخرج المارد من القمقم على الحلبة، ليس هناك من داع للضغط على السيارة على الطرق العامة. بل في الحقيقة، تبدو كورفيت ZR1 أكثر من مناسبة كسيارة للطريق، تستمتع بقيادتها، وأنت تعرف في قرارة نفسك أنها ستدمر أي سيارة أخرى تقابلها.
هل هي أفضل كورفيت؟ بكل تأكيد. هل هي أفضل صفقة حاليا في عالم السيارات الرياضية؟ أعتقد ذلك. مع سعر يبلغ حوالي 556 ألف درهم إماراتي، هي ليست بالرخيصة، ولكن عليك أن تدفع ربما ضعف هذا المبلغ لتحصل على أداء ينافس تجربة كورفيت ZR1.
حين رأيتها لأول مرة، عرفت أن كورفيت ZR1 سيارة مميزة. ما لم أعرفه أنها وحش حقيقي… وأنني وقعت في غرام هذا الوحش.
