February 13, 2020

تجربة حصرية وفريدة لـ “هوندا سيفيك أر إس” الجديدة

انغماس هوندا في بطولة العالم للفورمولا 1 ليس لمجرد الاستعراض فقط، بل لاستغلال ذلك لتطوير سياراتها التي تقدمها للجمهور.

في الحقيقة تساءل كثيرون عن السبب الذي يدفع مصنعاً مثل هوندا للدخول إلى معترك الفورمولا 1. ففي النهاية، هوندا ليست شركة متخصصة بإنتاج السيارات الرياضية مثل فيراري، ولا تمتلك أسطولا من السيارات الرياضية ضمن إنتاجها مثل سيارات AMG  لدى مرسيدس. فلماذا تستثمر كل هذه الأموال في تطوير محركات مخصصة حصريا للسباقات؟

الجواب يكمن في مثل إنجليزي قديم يقول بأن التسابق يحسن النسل. فخيول السباق المتميزة كانت تتزاوج لتنتج نسلا أقوى وأسرع من الأبوين. وهذا الأمر ينطبق كذلك على عالم السيارات. فسباقات السيارات هي المختبر الأمثل للبحث والتطوير، والتقنيات المتقدمة التي تطورها هوندا على الحلبات، تنتقل شيئا فشيئا إلى سياراتها المخصصة للإنتاج التجاري.

فقيادة سيارة فورمولا 1 أمر لا يتحقق إلا لقلة من الناس في العالم. لكن قيادة سيارة بتقنية مستمدة من الفورمولا 1 أمر سهل إذا ما كان خيارك سيارات هوندا. خذ مثلا سيارة مثل هوندا سيفيك RS. قد لا تبدو كسيارة رياضية، ولكن في قلب السيارة تكنولوجيا طورتها هيوندا واختبرتها على حلبات الفورمولا 1. فتحت الغطاء الأمامي، محرك من أربع اسطوانات بسعة 1.5 ليتر مع تيربو. حجمه أصغر، وسعته أقل من المحركات التقليدية، لكن فعاليته أعلى وقوته أكبر، وتقنية التيربو فيه مستمدة بشكل مباشر من الفورمولا 1.

فاليوم، محركات الفورمولا 1 لم تعد محركات كبيرة من فئة V8 وV10. بل إن سيارة الريد بول RB15، واحدة من أسرع سيارات السباقات في العالم على الإطلاق، والتي حققت الفوز في ثلاثة سباقات هذا العام، تستخدم محرك هوندا الذي يحمل الرمز RA619H. هذا المحرك تبلغ سعته 1.6 ليتر فقط، بشكل V6.

هذا المحرك ليس محركا عاديا. فمع نظام هايبرد هجين، يعتمد على محركين كهربائيين لاستعادة الطاقة، واحد يستعيد الطاقة الحركية ويعرف باسم MGU-K، والثاني يستعيد الطاقة التي تضيع بشكل حرارة في المكابح، ويسمى MGU-H. والنتيجة قوة تصل لأكثر من 850 حصانا من سعة تبلغ 1.6 ليتر فقط.

لكن إذا أردت رؤية أثر التيربو الحقيقي على المحركات الصغيرة، فانظر إلى هوندا سيفيك تايب آر. مع محرك 2.0 ليتر، بقوة 320 حصان. قوة كافية لتقطع حلبة نوربورغرينغ الشهيرة بزمن 7:43.8 عام 2017، مما جعلها أسرع سيارة دفع أمامي على الحلبة الشهيرة.

اليوم تقنية تغيير توقيت عمل الصمامات، التي شعارها VTEC،  موجودة عند كثير من الصانعين. لكن هوندا هي التي ابتكرتها، والنتائج كانت مذهلة في الفورمولا 1، وأعطتها ميزة واضحة على كل المنافسين.

الفكرة باختصار هي أن توقيت ومقدار فتح صمامات المحرك – الصمامات التي تدخل الهواء للاحتراق داخل المحرك – تؤثر بشكل مباشر على القوة. كل ما فتح الصمام أكثر، دخل هواء أكثر، وزادت القوة. لكن مع هذه القوة يزيد استهلاك الوقود، ويقل تجاوب المحرك على السرعات العادية على الشارع.

هوندا مع الـ VTEC وجدت الحل السحري. نظام للتحكم بعمل الصمامات ويغير مقدار الهواء الداخل بحسب السرعة. على السرعة المنخفضة كمية هواء أقل واستهلاك أقل للوقود. وعلى السرعة العالية، تتغير وضعية «الكامشافت»، ويدخل هواء أكثر لقوة أكبر.

والفورمولا 1 ربما هي قلب نشاطات هوندا الرياضية، لكن الشركة اليابانية لديها حضور كبير في مختلف أنواع الرياضات الميكانيكية. فهوندا لها تواجد كبير في بطولة الإندي كار الأمريكية، وفازت بأكثر من عشرة ألقاب فيها، وفازت 12 مرة في سباق إنديانابوليس الشهير، وهي المزود الحصري لسباقات الفورمولا 3 والفورمولا 4 في أمريكا.

والرائع عند هيوندا أنها لم تبق هذه التقنيات حصرا على سياراتها الرياضية. بل وسعتها لتضم سياراتها من فئة الـ SUV. فاليوم مجموعة هيوندا تضم سيارات من الـ HR-V الصغيرة للبايلوت الكبيرة، وطبعا طراز CR-V المعروف والذي يعرف شعبية كبيرة في أسواقنا.

فهيوندا CR-V تتوفر اليوم بمحرك 2.4 ليتر بقوة 184 حصان مع 244 نيوتن متر، تتوفر عند 3900 د/د فقط. وعلى الناحية الأخرى، محرك الـ V6 في الهيوندا بايلوت يولد 280 حصانا مع 355 نيوتن متر، لكن استهلاكه للوقود يبلغ 10.7 ليتر/100 كلم فقط، بفضل نظام الـ i-VTEC ونظام VCM، الذي يقوم بوقف عمل جهة كاملة من اسطوانات المحرك عندما لا تحتاج السيارة إلى القوة الكاملة. وبمجرد الضغط على البنزين، تعمل هذه الاسطوانات فورا دون أن تشعر بذلك.

على الطريق، سيارات هوندا تقف كمنافس عنيد في كافة الفئات التي تنتجها الشركة اليابانية، وذلك بفضل تقنيات طورتها هوندا في أقسى الظروف، وضمن منافسات شرسة. لكن التحدي الحقيقي سيكون خلال الأعوام القادمة. فتحقيق عدة انتصارات لم يعد هدفا لهوندا، بل تنظر إلى العودة للمنافسة على اللقب العالمي في الفورمولا 1. وبالنظر إلى المنحنى التصاعدي لأداء الفريق، ليس هناك أدنى شك في قدرة هوندا على تحقيق ذلك.

أهم المقالات