يوليو 19, 2018

بي إم دبليو M1 و3.0 CSL الكلاسيكية: تقنية الحاضر تستلهم الماضي (تحديث، مع الفيديو)

بي إم دبليو i8 تمثل قمة التكنولوجيا لدى شركة بي إم دبليو، ولكنها ليست السيارة الأولى بمحرك وسطي، ولا الأولى بوزن خفيف إذ سبقتها بي إم دبليو M1 الكلاسيكية.

طريق متعرج يصعد الجبال بين إيطاليا وسويسرا. مناظر طبيعية خلابة، تبدو كما لو أنها لوحة فنية، ولكنها إبداعات الخالق تتجلى في مناظر تذكرني بإعلانات «كوداك». طقس جميل، وحركة سير خفيفة في طريقي نحو سويسرا. أمامي، مقود بسيط الشكل، ثلاثي الأذرع، يحمل في وسطه شعار بي إم دبليو. تحت يدي اليمنى، مقبض علبة التروس، وخلفي 277 حصانا، تقبع داخل محرك من ست اسطوانات متتالية، تنتظر الانطلاق.

الطريق شبه خال من السيارات، لذلك أقوم بما سيقوم به أي شخص في مكاني. أختار النسبة الثانية في علبة الروس اليدوية، وأضغط دواسة الوقود بكل قوة. سريعا، يرتفع مستوى دوران المحرك إلى 6500 د/د، وأنتقل إلى الغيار الثالث. مرة أخرى، والغيار الرابع. السرعة ليست مذهلة، ولكن التجربة رائعة. صوت المحرك في الخلف، التواصل الفوري بين السائق والسيارة عبر المقود، وذلك الإحساس بأنك تقود سيارة بي إم دبليو رياضية، خفيفة الوزن، وذات محرك وسطي.

بي إم دبليو M1

مهلا؟ محرك وسطي؟ كيف ذلك؟ سيارات بي إم دبليو محركاتها في المقدمة، أليس كذلك؟ غالبا، نعم. باستثناء سيارة واحدة. سيارة مميزة، هي فعليا الجد الأكبر لسيارات بي إم دبليو الرياضية، وتحديدا طرازات بي إم دبليو M الشهيرة، وهي طبعا M1.

قصة بي أم دبليو M1 غريبة. فقد قررت الشركة الدخول إلى عالم سباقات السيارات مع فرعها الرياضي الجديد في أواخر السبعينيات. لذلك تعاونت مع المصمم الشهير جيوجيتو جيوجيارو، والذي قام بتصميم سيارة رياضية ذات محرك وسطي. السيارة كان من المفترض أن تقوم لامبورجيني بصنعها، ولكن خلافات عدة دبت بين بي إم دبليو ولامبورجيني، مما دفع الشركة البافارية لاتخاذ القرار بإنتاجها بنفسها.

وهكذا ظهرت بي إم دبليو M1، مع محرك وسطي يحمل الرمز M88، نكون من ست اسطوانات متتالية بسعة 3.5 ليتر، مع 24 صماما وعمودي «كامشافت»، وبقوة 277 حصان.

ويا له من محرك. محرك الاسطوانات الست المتتالية بطبعها محركات ذات هندسة رائعة تتميز بسلاستها وسرعة دورانها. ولكن محرك M1 مذهل في سلاسته، وسرعة استجابته.

حين تجلس في سيارة كلاسيكية كهذه، لا يمكنك سوى أن تشعر بالذهول للاختلافات التي عرفتها السيارات خلال أكثر من ثلاثة عقود. هناك أمور واضحة طبعا، مثل غياب مكيف الهواء أو المقاعد الكهربائية. ولكن البساطة هي الفارق الأكبر.

هذه البساطة تبدو جلية في كل ما تراه، وفي أماكن قد لا تخطر على بالك منذ النظرة الأولى. خذ مثلا إطار الجاج الأمامي، أو ما يعرف بالـ A-Pillar. لن تدرك مدى ضخامة هذا الإطار في السيارات الحديثة إلا حين تجلس خلف مقود سيارة كلاسيكية كهذه.

ثم هناك المقود. كم أحن إلى الأيام التي كان فيها المقود كهذا: إطار رياضي بثلاث أذرع، مهمته توجيه السيارة. اليوم، هناك عشرات الأزرار والوظائف التي يتم التحكم بها عبر المقود. نعم، الهدف هو عدم رفع نظرك، ويديك، عن الطريق والمقود، ولكن هل هناك ضرورة أصلا لمثل هذه الإضافات؟ هل تريد نظاما صوتيا متطورا حين يمكنك الاستماع إلى صوت المحرك الرائع في الخلف؟

البساطة تعني أيضا غياب التجهيزات الميكانيكية المتطورة التي بتنا نعرفها اليوم. نظام ABS؟ غير موجود. نظام التحكم بالتماسك؟ لديك قدمان للوقود والمكابح، وبإمكانك التحكم بالتماسك عبرهما. مقود كهربائي؟ المقود ليس أصلا مزودا بمساعد هيدروليكي. علبة تروس أوتوماتيكية مع كلتشين؟ لديك هنا ثلاث دواسات، وعصا إلى يمينك لاختيار النسبة التي تريدها بنفسك.

علبة التروس ربما تشكل صدمة للجيل الجديد من السائقين. ليس فقط لإنها علبة تروس يدوية (أنا متأكد أن البعض من أبناء الجيل الجديد يعرفون كيفية قيادة سيارة ذات علبة تروس يدوية) ولكن بسبب وضعية النسب. فالغيار الأول يتم اختياره عبر تحريك العصا إلى اليسار وإلى الأسفل، ومن ثم تختار النسبة الثانية بدفع المقبض إلى الوس وإلى الأمام، والثالثة بسحب المقبض إلى الخلف. السبب هو أن هذه السيارة كما ذكرت كان من المفترض أن تكون سيارة مؤهلة للمشاركة في السباقات، ومثل هذه الوضعية في علبة تروس من خمس نسب تعني أن الغيارين الثاني والثالث يتم التنقل بينهما في خط واحد، وهو أسرع وسيلة لتغيير النسب، بينما الغيار الأول هو للانطلاق فقط تقريبا، وبالتالي يتم توزيع النسب الأخر بشكل حرف H.

قيادة بي إم دبليو M1 بلا شك تتطلب تركيزا أعلى من المعتاد. يكفي أن السيارة لا تتمتع بأي من هذه التقنيات التي بتنا معتادين عليها، لتضطر للتركيز بشكل كامل على قيادتها. ثم تتذكر أن هذه واحدة من أصل 453 سيارة فقط تم إنتاجها منها، وأن سعرها اليوم يتجاوز نصف مليون دولار، لتقرر أن التركيز مطلوبجدا.

لكن في الحقيقة قيادة السيارة سهلة. ما أن ترتفع السرعة قليلا، وككل السيارات الرياضية المميزة، تدب الحياة فيها. المقود الثقيل جدا على السرعات المتدنية يعج بالحياة حين تسير السيارة بسرعة، وينقل لك بكل وضوح ما يجري تحت العجلات الأمامية.

علبة التروس سلسة، ومن السهل أن تقوم بتغيير النسب بسرعة. أما المحرك، فجاهز للانطلاق كلما دست على دواسة الوقود. المكابححسنا، هذه هي الناحية الوحيدة التي يمكنني أن أقول أنني أتمنى لو كانت التقنية الحديثة متوفرة فيها. الإحساس فيها ممتاز، ولكن قوة الكبح مضحكة بالمقارنة مع أي سيارة صغيرة حديثة.

مع الأخذ بعين قدرات الكبح، لا شك في أن بي إم دبليو M1 سيارة سريعة. ليست سريعة لتلتحق بلق السيارات السوبر رياضية ربما، ولكن سريعة بما يكفي لتصدم بعضا من السيارات الرياضية الصغيرة الحديثة وسيارات الهاتشباك الرياضية. فهي تصل إلى سرعة 100 كلم/س في 5.9 ثانية فقط.

في المنعطفات، قد تفاجؤك بي إم دبليو M1 بقدراتها. التماسك المطلق عال جدا، وثبات السيارة يتناسب مع سيارة رياضية بمحرك وسطي. خفة وزن السيارة ظهرة كذلك في الرشاقة التي تغير بها اتجاهها بشكل فوري بمجرد إدارة المقود لبضع درجات، مع أن السيارة ليست خفيفة (جدا) كما كنت أتوقع، فوزنها يبلغ 1300 كيلوغرام.

هل بإمكانك دفعها في «دريفت»؟ ربما. لم أفكر بذلك. السيارات ذات المحركات الوسطية كثيرا ما تكون «غدارة» حين تتجاوز حدود التماسك فيها، ولم أكن بوارد تجربة ذلك في رحلة كهذه.

كم هو الفارق الكبير بينها وبين بي إم دبليو 3.0 CSL. هذه السيارة اشتهرت حول العالم بشكلها المخصص للسباقات، واليت عرفت باسم «باتموبيل»، أو سيارة الرجل الوطواط، وذلك بسبب شكلها الفريد الذي تميز بالأجنحة الكبيرة. كما حازت السيارة على شهرة عالمية حين أطلقت معها معها بي إم دبليو سلسلة سياراتها الفنية، المعروفة باسم (Art Cars). ولكن الكثيرين ينسون أن هذه السيارة الرياضية المميزة بدأت حياتها بتصميم تقليدي أكثر بساطة.

تصميم السيارة لا يدع مجالا للشك في أنها من صنع بي إم دبليو. الأمر ليس مقتصرا على فتحات التهوية التقليدية، ولكنه يطول كافة أجزاء السيارة التي تحمل ملامح تصميم بي إم دبليو: مقدمة طويلة، زجاج جانبي كبير، «انحناءة هوفمايستر» الشهيرة في أسفل النافذة الجانبية الخلفية. إنها بي إم دبليو بكا بساطتها وأتاقتها.

الأمر ذاته نجده في الداخل. مقصورة كلاسيكية، لوحة قيادة موجهة حصريا باتجاه السائق، ووضعية جلوس رياضية.

ثم هناك الاسم. أحرف CSL هي اختصار لعبارة كوبيه، سبورت، و «لايت»، أو خفيفة الوزن، والذي يبلغ هنا 1270 كيلوغرام. السيارة تحمل الرقم 3.0 وهو هنا يشير إلى سعة المحرك، والمكون أيضا من ست اسطوانات متتالية. ولكن المحرك في هذه السيارة، وهي طراز 1973، في الحقيقة تبلغ سعته 3.2 ليتر.

قوة المحرك ليست بنفس المستوى مع M1 إذ تبلغ هنا 206 حصان. ولكن هذا الأمر يناسب طبيعة السيارة أكثر، كسيارة جي تي وليس كسيارة رياضية صرفة. وهذا الأمر تشعر به فورا عند قيادة السيارة. فهي أسلس، أخف في حركة مقودها، وتتمايل جانبيا في المنعطفات بشكل أكبر بكثر من شقيقتها الرياضية.

كذلك المحرك، وهو هنا يحمل الرمز M49، ليس بنفس عنفوان محرك M1. إنه أهدأ، وأكثر سهولة للقيادة في المدن وعلى الشوارع العامة. وعلى الرعم من أن السيارة بسيطة جدا في تصميمها، فإن هناك مستوى من الراحة سيخجل السيارات الرياضية الحديثة.

ولكنك أيضا تشعر ببعض المميزات التي حملت بي إم دبليو على إطلاق تسمية CSL عليها. ففقدان مواد عزل الصوت يجعل تجربة القيادة أكثر تواصلا مع السائق. فتشعر بصوت المحرك أكثر مما تسمعه. الأمر ذاته ينطبق على المقود، السريع جدا والخفيف بالنسبة لسيارة رياضية بدون نظام مساعدة للمقود.

مثل هذه المواصفات هي ما دفعت بي إم دبليو للحفاظ على تسمية CSL، والإبقاء عليها حصريا لطرازاتها المميزة جدا، والتي تركز على الوزن الخفيف والأداء العالي ومتعة القيادة، وأشهرها طبعا طراز M3 CSL الشهير بأدائه ومتعة قيادته.

على مدى ثلاثة أيام، قدت سيارتين من أروع سيارات بي إم دبليو الكلاسيكية. ولكن في اليوم الثالث، وبعد أن قطعنا الطريق من إيطاليا، إلى سويسرا حان الوقت للتوجه إلى ألمانيا مرورا بالنمسا، وهذه المرة كانت المطية سيارة تختلف تماما عن هاتين السارتين الكلاسيكيتين. إنها بي إم دبليو i8 رودستر الجديدة.

السيارة، والتي اخترناها سابقا بشكل الكوبيه، تختلف في مفهومها جذريا عن سيارات بي إم دبلو الكلاسيكية، باعتمادها المحركات الكهربائية بنظام هجين. ولكن الحقيقة هي أن هذه السيارة تظهر تماما كيف أن جينات بي إم دبليو لا تنقطع. فهي بمحرك وسطي خفيف مثل M1، وبوزن خفيف جدا مثل CSL. والنتيجة استمرار حقيقي لجينات بي إم دبليو التي يبدو أنها لا تموت.

أهم المقالات