December 15, 2025

بورشه تعترف: الابتكار في الصين «مذهل» ويضع العلامات الأوروبية تحت ضغط غير مسبوق

 

في اعتراف غير معتاد من علامة بحجم بورشه، أقرت الشركة الألمانية بأن سوق السيارات في الصين يتطور بوتيرة سريعة تفوق توقعات الكثيرين، ووصفت مستوى الابتكار هناك بأنه «مذهل». هذا التصريح جاء على لسان ألكسندر بوليش، الرئيس التنفيذي لبورشه في الصين، والذي أشار بوضوح إلى أن المنافسة لم تعد تقليدية، بل أصبحت معركة يومية على التكنولوجيا والسعر وملاءمة المنتج لذوق المستهلك المحلي.

تراجع المبيعات في أكبر سوق سيارات عالميًا

انعكست هذه التحولات بشكل مباشر على أداء بورشه في الصين، حيث سجلت الشركة تراجعًا حادًا في المبيعات خلال الفترة الماضية. ففي عام 2024 انخفضت المبيعات بنسبة كبيرة، واستمر الاتجاه السلبي خلال عام 2025. بورشه نفسها تعترف اليوم بأن العودة إلى مستويات الذروة السابقة في السوق الصيني لم تعد واقعية في المدى القريب، وهو اعتراف يعكس حجم التغير الذي شهده هذا السوق خلال فترة زمنية قصيرة.

الابتكار الصيني يغيّر قواعد اللعبة

ما تواجهه بورشه لا يتعلق بطراز واحد أو فئة محددة، بل بمشهد متكامل من الشركات الصينية التي باتت تقدم سيارات كهربائية متطورة في جميع الفئات، وبأسعار تنافسية، وبوتيرة تحديث سريعة للغاية. بحسب إدارة بورشه، فإن استراتيجيات التسعير والتسويق في الصين تتغير باستمرار، كما أن السيارات المحلية أصبحت أكثر انسجامًا مع تطلعات المستخدمين من حيث التصميم والتقنيات الرقمية وتجربة القيادة اليومية.

ضغوط إضافية من الضرائب والأسعار

إلى جانب المنافسة المباشرة، تواجه بورشه تحديات تنظيمية وسعرية داخل الصين. فقد أدى تعديل أنظمة الضرائب على السيارات الفاخرة إلى ارتفاع كلفة بعض الطرازات، في وقت أصبح فيه المستهلك أكثر حساسية للسعر مقابل ما يحصل عليه من تقنيات وتجهيزات. هذا الواقع فرض ضغوطًا إضافية على هوامش الربح، وقلل من جاذبية بعض السيارات الفاخرة المستوردة مقارنة بالبدائل المحلية.

إعادة هيكلة الحضور في السوق الصيني

استجابة لهذه التحديات، بدأت بورشه بإعادة تقييم حضورها في الصين، واتخذت قرارات لتقليص شبكة صالات العرض والتركيز على نقاط بيع أقل ولكن أكثر فاعلية. هذه الخطوة تعكس تحولًا في الاستراتيجية من التوسع الواسع إلى تحسين الكفاءة التشغيلية وبناء علاقات أقوى مع الشركاء المحليين، بما يتماشى مع واقع السوق الجديد.

عودة مدروسة لمحركات الاحتراق

في خطوة مفاجئة نسبيًا، قررت بورشه إعادة التركيز على سيارات بمحركات احتراق داخلي، بعد أن كانت تخطط للتحول السريع نحو الكهرباء. بعض الطرازات التي كان من المفترض أن تكون كهربائية بالكامل ستُطرح مجددًا بمحركات تقليدية، في محاولة لتلبية الطلب الفعلي في السوق. في المقابل، لا تزال بورشه ماضية في تطوير سيارات كهربائية جديدة، ولكن بنهج أكثر حذرًا وواقعية.

مستقبل صعب ليس على بورشه وحدها

بورشه لا تخفي أن المرحلة المقبلة في الصين ستكون صعبة، وأن عام 2026 تحديدًا قد يشهد استمرار الضغوط قبل وصول طرازات جديدة قادرة على إحداث فرق حقيقي. هذا التحدي لا يقتصر على بورشه وحدها، بل يشمل معظم العلامات الأوروبية الفاخرة التي تواجه منافسة قوية من الشركات الصينية الصاعدة.

الخلاصة: الصين تقود التحول العالمي

ما يجري في الصين اليوم يتجاوز كونه أزمة مبيعات مؤقتة، بل يمثل تحولًا عميقًا في صناعة السيارات عالميًا. سوق كان يعتمد سابقًا على الإرث والهوية بات اليوم يفرض معايير جديدة تقوم على الابتكار السريع والتكنولوجيا المتقدمة والقيمة مقابل السعر. واعتراف بورشه بأن الابتكار في الصين «مذهل» قد يكون أحد أوضح المؤشرات على أن مركز الثقل في صناعة السيارات يتغير… وربما إلى الأبد.

أهم المقالات