رينج روفر فيلار هي العضو الأجدد في عائلة سيارات رينج روفر العريقة. إنها تختلف عن باقي سيارات رينج روفر، ولكن الشبه بينها واضح. فما هي المحددات التصميمية التي تحدد شخصية سيارات رينج روفر القوية؟
التصميم الهندسي فن فريد، ذلك لأنه يختلف عن الفنون الأخرى كونه يتطلب ليس مجرد لمسة جمالية فقط، ولكن الالتزام بمتطلبات هندسية، والقوانين الفيزيائية المختلفة. هذا الأمر ربما أكثر ما يظهر في حياتنا اليومية في مجالات قد لا ننتبه إليها كثيرا، مثل الهندسة المعمارية، وتصميم السيارات.
قد يبدو الأمر غريبا من ناحية الجمع بين الهندسة المعمارية وتصميم السيارات، ولكن الحقيقة هي أن هذين المجالين يشتركان في كثير من الأمور. فالفكرة الأساسية هي تصميم شكل خارجي يغطي قاعدة هندسية معقدة. ولكن بينما قد يبدو التصميم المعماري أمرا صعبا جدا، فإن الحقيقة هي أن تصميم السيارات ربما أمر أصعب بكثير. فليس المطلوب فقط تصميم شكل خارجي على قاعدة ثابتة، بل نحن نتكلم هنا عن قاعدة متحركة تضم آلاف القطع الميكانيكية والإلكترونية. أضف الى ذلك أن السيارة ليست أمرا مستقلا في حد ذاتها. فبينما بإمكان المهندس المعماري أن يصمم عمارة فريدة، على مصمم السيارات أن يأخذ بعين الاعتبار أمورا أكثر في السيارة. فبالإضافة الى كونها تصميما جماليا، يجب أن تعكس السيارات هوية الشركة الصانعة، وأن تكون جذابة للملايين من المستهلكين. وفي نفس الوقت عليها أن تقدم شكلا جديدا في كل مرة، يظهر توجهات الشركة المستقبلية من حيث لغة التصميم. وربما رينج روفر فيلار هي التعبير الافضل عن هذا التوجه لدى مصممي السيارات.
رينج روفر فيلار تمثل حالة فريدة في عالم تصميم السيارات. فهي من جهة سيارة جديدة بالكامل، ولكن من جهة أخرى كان عليها أن تعكس هوية سيارات رينج روفر المشهورة كما نعرفها، ولكن في قالب جديد يختلف تماما عن سيارات رينج روفر الأخرى. فكيف نجح فريق التصميم لدى الشركة البريطانية العريقة في تقديم سيارة تبدو من النظرة الأولى سيارة من صنع الشركة البريطانية العريقة، حتى لو قمنا بإزالة كل الإشارات والشعارات عن السيارة، ولكن في نفس الوقت لا تتشارك في تصميمها او بأي من قطع جسمها الخارجي مع أي من سيارات رينج روفر الأخرى؟
الجواب يكون في بعض التفاصيل التصميمية التي تحدد فعليا هوية سيارات رينج روفر وشكلها الخارجي. فما هي هذه المحددات أو الجينات التصميمية، الـ DNA التي تحدد فعليا شكل وهوية سيارات الشركة البريطانية العريقة؟
سيارات رينج روفر تميزت دوما بغطاء المحرك الفريد والذي يسمى بالإنجليزية (Clamshell) وترجمته الحرفية هو غطاء الصدفة، وهذا الأمر مرده إلى كون الغطاء يمتد على جوانب المقدمة وفوق فتحة التهوية الأمامية (حيث تقليديا نجد كلمة رينج روفر بالإنجليزية بشكلها التقليدي). في فيلار، الأمر لا يختلف، وهكذا وبتصميم بسيط، تحمل المقدمة خطوط رينج روفر.
الأضواء الأمامية تحمل سمة سيارات رينج روفر أيضا، ولكن هذه المرة عبر رسم أضواء الـ LED المميز الذي صار مرتبطا بسيارات الشركة. وطبعا فتحة الهواء العريضة تصل بين الأضوية الأمامية، وبرسم مميز للشبكة فيها. وهكذا بكل بساطة تحصل رينج روفر فيلار على جينات أسلافها من سيارات رينج روفر.
لكن لفيلار أيضا تفاصيل مختلفة، تعطيها شخصيتها المميزة. في الأسفل، وفي هذه النسخة الأولى الحصرية من السيارة، هناك فتحات الهواء ذات التصميم الرياضي، والتي تتزين بتطعيمات بلون النحاس الفريد، والذي يعطيها شكلا مختلفا تماما عن أي سيارة أخرى. هذه التطعيمات تمتد في السيارة، فوق غطاء المحرك على فتحات الهواء (التجميلية)، ونجدها أيضا في ذلك التصميم التجميلي الذي يمتد أفقيا عبر الجناح الأمامي والباب الجانبي.
الخط الذي يمتد عليه هذا “الديكور” إن صح التعبير هو ميزة أخرى من “جينات” رينج روفر. خط أفقي طويل مستقيم، يمتد بشكل واضح وصريح من أعلى الأضواء الأمامية إلى مؤخرة السيارة وأعلى الأضواء الخلفية، وبشكل مواز تماما لخط قاعدة النوافذ الجانبية. وجوده بكل بساطة ينفي الحاجة إلى خطوط تجميلية في جوانب السيارة و“يشد“ أجزائها إلى بعضها البعض. هذه البساطة و“النظافة“ في خطوط السيارة، تتجلى في مقابض الأبواب المخفية، والتي تبرز عند فتح قفل السيارة. تفصيل بسيط يعطيها أناقة غير مسبوقة.
جانبيا، هناك ميزة تصميمية بارزة قد لا يدركها الكثيرون، في كافة سيارات رينج روفر: السقف الطافي. كلا، إنه لا يطفو على الهواء، ولكن بفضل عمود السقف الأخير، والذي يعرف باسم D-Pillar باللون الأسود، يبدو سقف رينج روفر منفصلا عن باقي السيارة. هذا الأمر بدأ مع الجيل الأول من السيارة، ولكن ليس لدواع تصميمية، بقدر ما كان الأمر يتعلق ببنية السيارة، وعدم قدرة الشركة (كما يقال) على تصنيع هذا الجزء بالشكل الأمثل مما حدا بها لتغطيته بالجلد الصناعي الأسود حتى بات اليوم هذا العمود الأسود ميزة تصميمية للسيارة.
في الخلف، تختلف رينج روفر فيلار الجديدة عن أي سيارة رينج روفر أخرى. ولكنها في نفس الوقت تشبهها. فالأضواء الخلفية هنا أفقية وليست عمودية مثل رينج روفر الكبيرة. ولكن رسمها مشابه لأضواء طراز رينج روفر سبورت، وتمتد بشكل عرضي متصل بقسم أسود مع كلمة رينج روفر عليه.
طبعا شخصية السيارة لا تقتصر على الشكل الخارجي، بل تتعداها إلى مقصورة الركاب في الداخل. وهنا، ستجد رينج روفر فيلار سيارة تستحق حمل اسم رينج روفر العريق. ربما تكون سيارة متوسطة الحجم، ولكن هذا لا يعني أن لاند روفر ادخرت أي جهد في توفير مقصورة فاخرة جدا، عملية، ومتطورة تقنيا لأحدث سيارات الشركة. بمجرد الجلوس هنا ستعرف أنك في سيارة رينج روفر، ولكن ليس كأي سيارة أخرى لدى الشركة.
السر يكمن في توفير مقصورة فاخرة جدا، بتصميم بسيط وأنيق. ولكن خلف هذا التصميم، هناك تكنولوجيا مرعبة تمارس دورها من خلف الكواليس لتعطي رينج روفر فيلار قدرات متفوقة تجعل منها واحدة من أفضل السيارات في هذه الفئة على الإطلاق.
يبرز هذا الأمر في تصميم لوحة القيادة. سيارات رينج روفر تعتمد لوحة قيادة ذات تصميم بسيط، والفيلار لا تختلف في هذه الناحية. طبعا لا غبار على نوعية المواد المستخدمة في السيارة، ولكن لاند روفر أضافت بعدا جديدا إلى فخامة السيارة يتمثل باعتمادها موادا صناعية جديدة للقماش الفاخر الذي يتوفر لطراز فيلار. هذا القماش تم تطويره بالتعاون مع شركة دنماركية متخصصة، ويدخل في صنعه البلاستيك المعاد تدويره، ليعطي السيارة لمسة فريدة جدا، تزيد من فخامتها ورونقها. كذلك تحظى فيلار بنمط خاص من ثقوب التهوية في جلد المقاعد، تراه في كل مكان في السيارة، حتى أنه يصل إلى الفتحات الدقيقة التي تغطي سماعات نظام الصوت، والذي تقف خلفه بالطبع شركة ”ميريديان“ الشهيرة.
لكن إلى جانب الفخامة العالية، تحظى رينج روفر فيلار بإضافات تكنولوجية مهمة. أمام السائق، شاشة كبيرة تستبدل العدادات التقليدية ويمكن للسائق أن يختار وضعية العدادات التي يرغب بها أو وضع نظام الملاحة على كامل الشاشة مثلا. كذلك قامت لاند روفر بحركة رائعة، وهي استبدال مفاتيح التشغيل التقليدية على المقود، بأخرى مشابهة لها من حيث التصميم، ولكنها عبارة عن شاشات صغيرة تعمل باللمس وتتجاوب مع دوران الأصابع حولها. وهكذا تضمن استمرارية لغة التصميم لسيارات رينج روفر، ولكن بلمسة مستقبلية.
إلا أن الشاشة الوسطية، أو بالأحرى الشاشتان الوسطيتان لنظام In Touch Pro Duo، هي التي تطغى على المقصورة. هذا النظام الذي قدمته لاند روفر مع طراز فيلار وبات الآن متوفرا في كافة سياراتها، هو عبارة عن شاشتين مستقلتين، واحدة في أعلى لوحة القيادة، والأخرى في أسفلها عند القاعدة. الشاشة العلوية تتحكم في نظام الملاحة والهاتف والمعلومات والترفيه، بالإضافة إلى الكاميرا المحيطية ونظام المساعدة على الاصطفاف وغيرها، بالإضافة إلى التطبيقات الخاصة بالنظام والتي يمكن نقلها ما بين الهاتف المحمول الذكي والسيارة. أما القسم السفلي منها، فمخصص لنظام التكييف والتحكم بتدفئة وتبريد المقاعد وخاصية المساج، بالإضافة إلى التحكم بنظام الاستجابة للتضاريس، أو Terrain Response II كما يعرف لدى الشركة، والذي يسمح للسائق باختيار نمط القيادة المناسب للطريق الذي يسير عليه، ما بين النمط الخاص بالشوارع المعبدة، النمط الاقتصادي، أو أنماط القيادة على الطرق غير المعبدة من الصخور والطين والرمال والثلوج.
إذ ربما تكون رينج روفر فيلار سيارة دفع رباعي متوسطة، ولكنها في النهاية تحمل اسم رينج روفر، وبالتالي من الضروري أن تحظى بقدرات الدفع الرباعي المتفوقة التي لطالما اشتهرت بها سيارات لاند روفر. ولكن كيف يمكن ذلك في سيارة دفع رباعي متوسطة الحجم بتصميم حديث مع عجلات معدنية كبيرة الحجم؟ الحل يككن في تسخير التكنولوجيا الحديثة.
فنظام التعليق المتغير، وهو مستقل للعجلات الأمامية ومن وصلات مدمجة في الخلف، يعطي رينج روفر فيلار ارتفاعا كافيا لتتحول إلى سيارة دفع رباعي جبارة. وعند الوصول إلى الطريق يمكن ببساطة خفض ارتفاعها لتتحول إلى سيارة رشيقة. نظام الاستجابة للتضاريس يلعب دورا مهما، ولكنه لم يكن ليكون فعالا لولا نظام الدفع في السيارة، وهنا نتحدث عن محرك V6 بسعة 3.0 ليتر مع سوبر تشارجر بقوة 380 حصانا يدفعها إلى سرعة 100 كلم/س في حوالي خمس ثوان ونصف، بفضل نظام الدفع الرباعي وعلبة التروس المتطورة ذات الثمانية نسب.
على الطريق، فيلار سيارة من رينج روفر بمعنى الكلمة. مما يعني أداء قويا وتسارعا سلسا، وراحة ركوب من أعلى مستوى، تمتزج مع تحكم ومستوى سيطرة قلما نعرفه في سيارات الدفع الرباعي. أما خارج الطريق، فستذهلك فيلار بقدراتها التي لا تتوقعها من سيارة بهذا القدر من الرقي والفخامة.
لكن ذلك ليس الأمر المميز في فيلار. ما يجعل رينج روفر فيلار مميزة فعلا هو قدرتها على الاحتفاظ بجينات رينج روفر، والتعبير عنها بشكل رائع عبر قالب تصميمي مميز ينقل لغة التصميم لدى الشركة إلى بعد جديد. وهذا بحد ذاته يمكن أن يكون الإنجاز الأكبر لها.